للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= ثانيًا: أنهم جعلوا العقل أصلاً يُحتكم إليه، وقد ذكروا ذلك في أكثر من موطن، وقضية الاحتكام إلى العقل، وتقديمه على المروي، بل على نصوص الشرع هو منهج أهل البدع.
ثالثًا: من قال بأنه يجب أخذ كل ما ورد عن السلف والتسليم له دون تمحيص؟! هذا تحميل لكلام شيخ الإسلام ما لا يحتمل، أو هو عدم فهم له.
هل كان الطبري الذي ذكروا منهجه مسلِّم لكل ما قاله السلف، وهل كان من منهج شيخ الإسلام قبول كل ما ورد عن السلف؟ لا شكَّ أن ذلك الكلام الصادر عنهم إنما كان سببه الحمية لابن عطية، فغلب عليهم ذلك دون التأمل في عباراتهم، ولا في دراسة منهج شيخ الإسلام في الأخذ بروايات السلف.
وهذا الأمر واضح لا مرية فيه، فتقرير الأصل: أن كلام السلف حجة، وأنهم مرجع يجب الرجوع إليه، لكن لا يعني هذا قبول أفراد الروايات عنهم، وذلك أمر من الوضوح بمكان بأدنى تأمل لمنهج النقد العلمي عند أهل السنة والجماعة، لكن ليس العقل وحده هو المصدر الذي تُحكم به الروايات.
رابعًا: يظهر من عباراتهم الأخيرة التهويش في العبارات، واستخدام الأسلوب الخطابي الذي لا يقوم به تقرير القضايا العلمية، ومن قال: إن اعتماد آراء السلف فيه إلغاءٌ للشخصية العلمية، ومن قال بأن عقولنا هي الحكم على آراء السلف، وعقل من هذا الذي يُحتكم إليه؟ فما من شكٍّ أنه سيقع اختلاف كبير في قبول المرويات بين العالم والآخر، فما بالك بين العديد من العلماء.
أقول: لتكن دراسة القضايا دراسة علمية بعيدةً عن التعصب والتهويش الخطابي في العبارات، سلَّمني الله وإياكم من هذه الأساليب التي لا تجدي نفعًا في العلم.
خامسًا: لقد كان كلام شيخ الإسلام متوازنًا معتدلاً، ولم ينسب ابن عطية إلى المعتزلة كما فهمه هؤلاء الأفاضل، بل الذي كان صريحًا في نسبه إلى المعتزلة من كان على مذهبه الاعتقادي، وهو ابن عرفة المالكي الأشعري (ت:٨٠٣) كما نقل عنه ذلك ابن حجر الهيتمي في فتاواه الحديثية، والمحققون الأفاضل قد اطلعوا على هذا الكلام، لكنهم لم ينقلوه بنصِّه، بل أشاروا إليه باقتضاب، فمن نصَّ بصراحة على اعتزاله كان أولى بالمناقشة ممن لم ينسبه إلى الاعتزال، ولا أدري ما الذي دعاهم إلى إطالة النقاش مع شيخ الإسلام، وترك نقاش ابن عرفة والهيتمي الأشعريين؟!
سئل ابن حجر الهيتمي: هل في تفسير ابن عطية اعتزال؟ =

<<  <   >  >>