ثُمَّ إن القرآن قرأه جيل الصحابة والتابعين وتابعيهم، وكانوا أعلم به ممن جاء بعدهم، كما أنهم أعلم بالحق الذي نزل على محمد صلّى الله عليه وسلّم، ولا يُعقل أن يكون من جاء بعدهم أهدى طريقًا منهم.
ومن خالفهم من غير هوى وقصدٍ للضلالة، فإنه لا يخلو أن يكون عنده شبهة عقلية أو سمعية، وهذا ظاهر من مخالفة كثير من الفرق التي تقصد الحق، لكنها لم تهتدِ إليه.
وإثبات علم السلف بمعاني القرآن والشريعة من الأمور المهمة التي نحتاجها اليوم، إذ ظهرت كتابات لا تعيرهم أدنى اهتمام، بل هي لا تعترف بصحيح السنة، وتعرض إلى نقدها بطرق عقلية عقيمة تدلُّ على نقص الباحث في مادة البحث، فضلاً عن نقصه العلمي بالشريعة وتاريخها.
وهذا أصل مهم للغاية يحسن تثبيته بالأدلة المقنعة لينقطع بذلك جدل المجادلين، وتخريفات المنحرفين الذين ما يفتؤون يخرجون في كل حين شيئًا من خواء عقولهم المريضة.
فالذين نزل بلغتهم القرآن، وشاهدوا أحوال النُّزول، وعرفوا أحوال من نزل عليه صلّى الله عليه وسلّم، وتدارسوه في حياته وبعد وفاته ألا يكونون أقدر على فهمه ممن جاء بعدهم؟!
بلى.
ثمَّ نقلوه لجيل التابعين الذي حملوا راية التفسير، ونقلوه لأتباع التابعين، الذين صار التفسير في جيلهم بين التفسير النقلي المحض، والتفسير الذي يدخله الاجتهاد، وعليهم يكاد يتوقف النقل، إذ لم يُنقل عن الطبقة التي بعدهم شيءٌ يُذكر في التفسير.
ومن جاء بعد أتباع أتباع التابعين فإما أن يكون ممن يتخيَّر من