أقوالهم، وإما أن يجتهد اجتهادًا سليمًا يسلك فيه طريقهم، ولا يناقض في اجتهاده أقوالهم.
ولقد كانت أسباب الاختلاف في هذه الأجيال الثلاثة أسبابًا علمية مقبولة، ولما ظهرت البدع، وصار هؤلاء المبتدعة يريدون تعزيز بدعهم بالاستدلال بالقرآن ازدادت شُقة الخلاف، وصار من أكبر أسباب الاختلاف بين المتأخرين الاختلاف في المعتقد، فحُرِّف كلام الله ليوافق مذاهبهم، والله المستعان.
وأما كيفية معرفة فساد أقوال هؤلاء فقد ذكر شيخ الإسلام طريقة ذلك، ورتبها على الآتي:
١ - معرفة القول الصواب الذي خالفه هؤلاء المبتدعة.
٢ - أن يتيقن أن قول السلف هو الحقُّ، وأن تفسير السلف يخالف تفسير المبتدعة.
٣ - أن يعرف أن تفسير المبتدعة مُحدثٌ مبتدع.
٤ - أن يعرف بالأدلة التي نصبها الله للحق فساد قولهم.
هذا خلاصة ما ذكره في هذه الفقرة، ويمكن أن يزاد عليه: معرفة الرأي المبتدع على وجهه وحقيقته، إذ كثيرٌ ممن يقرؤون التفسير لا يُحسنون معرفة المذاهب المخالفة، فيفوت عليهم شيء من أقوال المبتدعة، وتدخل عليهم وهم لا يشعرون.
وقد سبق التنبيه على منهج الزمخشري (ت:٥٣٨)، وكيف كان يُدخل اعتزالياته أثناء كلامه في تفسير الآية بحيث لا يُشعَر بها.
وقد رأيت بعض من يحقق تفسيرًا من التفاسير المخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة لا يعرف سوى المخالفة في بعض صفات الذات الإلهية؛ كصفة اليد أو الوجه، أو بعض صفات الفعل؛ كالغضب والرحمة، ولا تراه يتعدى ذلك إلى موضوعات العقيدة المختلفة كالقول في كلام الله، والقول في الإيمان، والقول في القدر، وغيرها من مسائل العقيدة.