وأخرج الثعلبي بسند فيه من لا يعرف عن رأسه فنظر إلى السماء والنجوم فقال: أشهد أن لك رباً وخالقاً اللهم اغفر لي، فنظر الله إليه فغفر له» وعن ابن عباس وأبي الدرداء «فكرة ساعة خير من قيام ليلة» .
وقال الحسن ابن أبي الحسن: الفكرة مرآة المؤمن ينظر فيها إلى حسناته وإلى سيئاته.
وقال سرّي السقطي الفكرة خير من عبادة سنة، ما هو إلا أن تحلّ أطناب خيمتك فتحطها في الجنة.
وفي «تفسير ابن عطية» : حدثني أبي عن بعض علماء المشرق قال: كنت بائتاً بمسجد في مصر فصليت العتمة، فرأيت رجلاً قد اضطجع مسجى بكسائه حتى أصبح وصلينا تلك الليلة وسهرنا، فلما أقيمت صلاة الصبح قام ذلك الرجل فاستقبل القبلة وصلى مع الناس، فاستعظمت جرأته في الصلاة بغير وضوء، فلما فرغت الصلاة خرج فتبعته لأعظه، فلما دنوت منه سمعته يقول:
مسنجز الجسم غائب حاضر
منتبه القلب صامت ذاكر
منقبض في العيون منبسط
كذاك من كان عارفاً فاكر
يبيت في ليله أخا فكر
فهو مدى الليل نائم ساهر
وانصرفت عنه، قال فقلت إنه ممن يعبد الله بالفكرة اهـ.
( {ربنا ما خلقت هذا باطلاً} ) حال من فاعل يتفكرون على إرادة القول: أي يتفكرون قائلين ذلك و «هذا» إشارة إلى المتفكر فيه أو الخلق على أنه أريد به المخلوق من السموات والأرض أو إليهما لأنهما في معنى المخلوق. والمعنى: ما خلقته عبثاً ضائعاً من غير حكمة بل لحكم عظيمة من جملتها أن يكون مبدءاً لوجود الإنسان وسبباً لمعاشه ودليلاً يدله على معرفتك ويحثه على طاعتك لينال الحياة الأبدية والسعادة السرمدية في جوارك ( {سبحانك} ) تنزيهاً لك من العبث وخلق الباطل وهو اعتراض (الآيات) يحتمل أن يكون إلى قوله: {إنك لا تخلف الميعاد}(آل عمران: ١٩٤) ويحتمل أن يكون إلى آخر السورة والأول أقرب، وكرّر في الدعاء «ربنا» خمس مرات مبالغة في الابتهال ودلالة على استقلال المطالب وعلو شأنها.
وفي الآثار:«من حزبه أمر فقال خمس مرات «ربنا» أنجاه الله مما يخاف وأعطاه ما أراده، ثم قرأ هذه الآيات» (وقال تعالى: {أفلا ينظرون} ) نظر اعتبار ( {إلى الإبل كيف خلقت} ) خلقاً دالاً على كمال