للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٩٥١ - (فـ) الحديث (الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: إن الله تعالى قال: من عادى) من المعاداة: ضد الموالاة (لي) حال من قوله (ولياً) قدر من تأخير وكان قبل صفة أو ظرف لغو متعلق بالوصف قدم اهتماماً به، وهو من تولى الله بالطاعة والتقوى فتولاه الله بالحفظ والنصرة، من الولي: وهو القرب والدنوّ، فالوليّ هو القريب من الله تعالى لتقرّبه إليه باتباع أوامره واجتناب نواهيه، والإكثار من نوافل العبادات مع كونه لا يفتر عن ذكره، ولا يرى غيره بقلبه لاستغراقه في نور معرفته، فلا يرى إلا دلائل قدرته ولا يسمع إلا آياته ولا ينطق إلا بالثناء عليه ولا يتحرّك إلا في طاعته، وهذا هو المتقي قال تعالى: {إن أولياؤه إلا المتقون} (الأنفال: ٣٤) (فقد آذنته) بالمد (بالحرب) أي: أعلمته بأني محارب له، أي: أعامله معاملة المحارب من التجلي عليه بمظاهر الجلال والعدل والانتقام. ومن عامله الحق بذلك فإنه لا يفلح، فهو من التهديد في الغاية القصوى، إذ غاية تلك المحاربة الإهلال، فهي من المجاز البليغ، وكأن المعنى فيه ما اشتملت عليه تلك المعاداة من المعاندة تعالى بكراهة محبوبه، والوعيد لمن عادى ولياً من أجل ولايته وقربه من الله تعالى، وذلك كإيذاء من ظهرت أمارات ولايته باتباع الكتاب والسنة، إما بإنكارها عناداً أو حسداً، أو بعدم الجري على ما ينبغي له من التأدب معه، أو بنحو سبه وشتمه من سائر أنواع الإيذاء التي لا مسوغّ لها شرعاً مع علم متعاطيها بذلك.

أما منازعة الوليّ في محاكمة أو خصومة راجعة لاستخراج حق أو كشف غامض فلا يدخل في هذا الوعيد، فقد جرى نوع ما من الخصومة بين أبي بكر وعمر وبين عليّ والعباس وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين مع أن الكل أولياء الله تعالى. وإذا علم ما في معاداة الوليّ من الوعيد والتهديد علم ما في موالاته من جسيم الثواب وباهر التوفيق والهداية والقرب والتأييد (وما تقرّب إليّ عبدي) إضافته للتشريف المؤذن بمزيد الرفعة والتأهل لعليّ المقامات (بشيء أحبّ إليّ من) أداء (ما افترضت) به (عليه) عيناً كان أو كفاية كالصلاة وأداء الحقوق إلى أربابها وبرّ الوالدين ونحو ذلك من

<<  <  ج: ص:  >  >>