"السبب في الحكم على الحديث بالضعف لفقد أحد شروط القبول فباجتماع هذه الشروط ينهض الدليل الذي يثبت أن الحديث قد أداه رواته كما هو، فإذا اختل واحد منها فقد الدليل على ذلك. وهنا يتضح لنا احتياط المحدثين الشديد في شروطهم لقبول الحديث، حيث جعلوا مجرد فقد الدليل كافيا لرد الحديث والحكم عليه بالضعف، مع أن فقد الدليل ليس دليلا محتما على الخطأ أو الكذب في رواية الحديث، مثل ضعف الحديث بسبب سوء حفظ الراوي وغلطه مع صدقه وأمانته، فإنه لا يعني أنه قد أخطأ فيه حتما، بل يحتمل أن يكون قد أصاب، لكن لما طرأ هذا التخوف القوي من وقوع الخطأ فيه حكمنا عليه بالرد. كذلك ضعف الحديث بسبب فقد الاتصال فإنه يضعف للجهالة بحال الواسطة المفقودة، فيحتمل أن يكون من الثقات وأن يكون من الضعفاء، وعلى فرض أنه ضعيف فإنه يحتمل أن يكون أخطأ فيه أو حرفه ... فأخذ المحدثون بعين الاعتبار احتمال الاحتمال، وجعلوا ذلك قادحا في قبول الحديث، وذلك غاية ما تكون الحيطة المنهجية في النقد العلمي." عتر، منهج النقد، ٢٨٦ - ٢٨٧. (٢) سمّاها الدكتور عبدالكريم الخضير "مسالك الضعف إلى الحديث" وبعد أن عددها قال: "هكذا عدد بعض العلماء أسباب الضعف، لكن الحافظ ابن حجر-رحمه الله- حصر أسباب الضعف في سببين رئيسيين، هما: ١ - السقط في السند، ٢ - الطعن في الراوي. ولا فرق بين هاتين الوجهتين؛ إذ إن الشذوذ داخل في مخالفة الثقات التي هي من أوجه الطعن في الراوي، والعلة داخلة في وهم الراوي، وهو كذلك" الخضير، الحديث الضعيف، ٦٣. (٣) تقييد وصف الشذوذ بكونه مردوداً؛ وذلك للاختلاف في تعريف الشذوذ، وما يترتب على ذلك من أثر في قبول الحديث أو رده، وقد سبق الإشارة إلى ذلك في قيد نفي الشذوذ في الحديث الصحيح وفي الحديث الحسن، ويأتي تفصيله - بإذن الله- في الفصل الخاص بالحديث الشاذ. (٤) زاد بعضهم قيد: (وتعذّر الجمع بينهما). السخاوي، فتح المغيث، ١/ ٢٤٤.