للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذا المثال الذي ذكره الأثرم زاد الراوي لفظة لم تأتِ من الوجوه الأخرى للحديث، وقد أشار إلى أن الحافظ قد يهم، ويشذ في مقابلة الأكثر.

ومن تعريفه للشاذ وتقييده بالمخالفة، يظهر اعتباره هذه اللفظة مخالفة لما جاءت به الأحاديث الأخرى في فضل صوم عرفة، وأيّده إلى ما ذهب إليه بخصوص هذا الحديث ابن عبدالبر حيث قال: "هذا حديث انفرد به موسى بن عُلي عن أبيه، وما انفرد به فليس بالقوي، وذكر يوم عرفة في هذا الحديث غير محفوظ، وإنما المحفوظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجوه، يوم الفطر ويوم النحر وأيام التشريق أيام أكل وشرب". (١)

وقد رجّح كذلك -ما ذهب إليه الشافعي من كون الشذوذ مخالفة الثقة لمن هو أولى منه- كل من:

- ابن القيم (٢)، والنووي في كتابه المجموع (٣)، وصوّبه كذلك ابن كثير" (٤)،

واقتصر ابن الملقن على تعريف الشافعي للشاذ في كتابه (التذكرة) (٥)، واعتمده ابن حجر - غير أنه توسّع في صفة الراوي المخالِف ليشمل الثقة والصدوق-، فقال: "الشاذ: ما


(١) ابن عبدالبر، التمهيد، ٢١/ ١٦٣.
وقد ذكره السخاوي في فتح المغيث مثالاً للشذوذ في المتن فقال: "ومثاله في المتن: زيادة يوم عرفة في حديث: أيام التشريق أيام أكل وشرب، فإن الحديث من جميع طرقه بدونها، وإنما جاء بها موسى ابن علي بن رباح، عن أبيه، عن عقبة بن عامر، كما أشار إليه ابن عبد البر. قال الأثرم: والأحاديث إذا كثرت كانت أثبت من الواحد الشاذ، وقد يهم الحافظ أحيانا. على أنه قد صحح حديث موسى هذا ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، وقال: إنه على شرط مسلم.
وقال الترمذي: إنه حسن صحيح، وكأن ذلك لأنها زيادة ثقة غير منافية لإمكان حملها على حاضري عرفة" السخاوي، فتح المغيث، ١/ ٢٤٥ - ٢٤٦، وينظر: الجزائري، توجيه النظر، ١/ ٥١٤ - ٥١٥.
(٢) ابن القيم، إغاثة اللهفان، ١/ ٥٢٢.
(٣) ينظر: النووي، المجموع، ٤/ ١٤٣، الزركشي، النكت، ٢/ ١٣٨.
(٤) ابن كثير، الاختصار، ٥٠.
(٥) ابن الملقن، التذكرة، ١٦.

<<  <   >  >>