للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من كلام شيخه ابن حجر حين قال: "وأما المخالفة وينشأ عنها الشذوذ والنكارة، فإذا روى الضابط والصدوق شيئا، فرواه من هو أحفظ منه أو أكثر عددا بخلاف ما روى بحيث يتعذر الجمع على قواعد المحدثين فهذا شاذ (١)، وقد تشتد المخالفة أو يضعف الحفظ فيحكم


(١) أمثلة على وقوع المخالفة من الراوي إلا أن علماء الحديث قبلوا الحديث على الوجهين -البخاري في صحيحه كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم ١/ ١٥٢ ح (٧٥٧)، ومسلم في صحيحه كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة ١/ ٢٩٧ ح (٣٩٧) - قال الدارقطني: وقد خالف يحيى أصحاب عبيدالله كلهم منهم أبو أسامة وعبدالله ابن نمير وعيسى بن يونس وغيرهم ورووه عن عبيدالله عن سعيد عن أبي هريرة، فلم يذكروا أباه، ورواه معتمر عن عبيدالله عن سعيد مرسلا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويحيى حافظ ويشبه أن يكون عبيدالله حدث به على الوجهين. والله أعلم." ٢٢٣ - ٢٢٤ ح (٩).
قال ابن حجر: "لكل من الروايتين وجه مرجح، أما رواية يحيى فللزيادة من الحافظ، وأما الرواية الأخرى فللكثرة، ولأن سعيدا لم يوصف بالتدليس، وقد ثبت سماعه من أبي هريرة ومن ثم أخرج الشيخان الطريقين". ابن حجر، فتح الباري، ٢/ ٢٧٧.
المثال الثاني: قال الدارقطني: "وأخرجا جميعا حديث ابن أبي ذئب عن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يحل لامرأة تسافر وليس معها محرم)) الحديث- أخرجه البخاري في صحيحه أبوا تقصير الصلاة ٢/ ٤٣ ح (١٠٨٨)، ومسلم في صحيحه كتاب الحج، باب سفر المرأة مع محرم ٢/ ٩٧٧ ح (١٣٣٩) - وزاد مسلم عن ليث عن سعيد مثله فقال وقد رواه مالك ويحيى بن أبي كثير وسهيل عن سعيد عن أبي هريرة." ٢٢٧ - ٢٢٨ ح (١٢)، ذكر ابن حجر في الفتح بأن موطن الاختلاف هنا: أن بعض الطرق ذكرت في الإسناد رواية سعيد عن أبيه، وبعضها لم تذكر ذلك، وأشار إلى تصحيح المحدثين لكلا الوجهين فقال: "لم يهمل البخاري حكاية هذا الاختلاف بل ذكره عقب حديث بن أبي ذئب، والجواب عن هذا الاختلاف كالجواب في الحديث الثاني، فإن سعيدا المقبري سمع من أبيه عن أبي هريرة وسمع من أبي هريرة فلا يكون هذا الاختلاف قادحا ... ". ابن حجر، هدي الساري، ٣٥٤.
المثال الثالث: "وأخرج البخاري- في صحيحه كتاب الجنائز، باب من انتظر حتى تُدفن ٢/ ٨٧ ح (١٣٢٥) - وحده عن سعيد عن أبيه أنه سأل أبا هريرة فقال سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من صلى على جنازة)) قال: وقد رواه عبيدالله بن عمر عن سعيد عن أبي هريرة قال: نصر بن علي وغيره عن عبدالأعلى. ٢٢٨ - ٢٢٩ ح (١٣)، وأشار ابن حجر بأن الجواب على هذا الحديث كالجواب على المثال السابق، إلا أن الرواية التي أخرجها البخاري هي المعتمدة، بينما الرواية الثانية غير مشهورة. ينظر: ابن حجر، المرجع السابق، ٣٥٥.

<<  <   >  >>