للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وممن قال بأن المراد بالشذوذ هو التفرّد:

الإمام الحاكم، وخصَّه - في تعريفه المختصر للشاذ- بتفرد الثقة (١)؛ إلا أن المتأمل لسياق كلامه يفهم منه أن الشذوذ يُطلق على التفرّد الذي فيه علة لم يُهتدَ إليها، فهو يفرّق بين

الشاذ والمعلل بكون المعلل وُقِف على علته، بينما الشاذ لم يوقف على علته، قال ابن الصلاح مُعقّباً- بعد نقله لتعريف الشاذ عند الحاكم-: "وذكر أنه يغاير المعلل من حيث أن المعلل وُقِف على علته الدالة على جهة الوهم فيه، والشاذ لم يوقف فيه على علته كذلك" (٢).

وقال البقاعي نقلاً عن شيخه -ابن حجر-: "أَسْقَطَ من قول الحاكم قيداً لابد منه، وهو أنه قال: وينقدح في نفس الناقد أنه غلط، ولا يقدر على إقامة الدليل على ذلك". (٣)

قال السخاوي مُعقِّباً على ما سبق: "وهذا يشعر باشتراك هذا مع ذاك (٤) في كونه ينقدح في نفس الناقد أنه غلط، وقد تَقصُر عبارته عن إقامة الحجة على دعواه، وأنه من أغمض


(١) حيث قال: "الشاذ حديث يتفرد به ثقة من الثقات، وليس للحديث أصل متابع لذلك الثقة"، وذلك بعد قوله: "معرفة الشاذ من الروايات، وهو غير المعلول، فإن المعلول ما يوقف على علته، أنه دخل حديثٌ في حديث، أو وهم فيه راو أو أرسله واحد، فوصله واهم" الحاكم، علوم الحديث، ١١٩.
قال ابن حجر في النكت: "والحاصل من كلامهم أن الخليلي يسوي بين الشاذ والفرد المطلق، فيلزم على قوله أن يكون في الشاذ الصحيح وغير الصحيح، فكلامه أعم، وأخص منه الكلام الحاكم؛ لأنه يقول: إنه تفرد الثقة، فيخرج تفرد غير الثقة فيلزم على قوله أن يكون في الصحيح الشاذ وغير الشاذ." ابن حجر، النكت، ٢/ ٦٥٢ - ٦٥٣، ينظر: السخاوي، فتح المغيث، ١/ ٢٤٧.
(٢) ابن الصلاح، علوم الحديث، ٧٧.
(٣) البقاعي، النكت، ١/ ٤٥٥.
(٤) أي: الشاذ مع المعلل.

<<  <   >  >>