للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتفرّد من لا يُعرف ضعفه ولا توثيقه فهو الشاذ، ويتوقف فيه فلا يُحكم بصحته ولا بضعفه، فبالنظر إلى هذه الأقسام الأربعة مع ما ذكره في تعريف الشاذ يمكن استنتاج ما يلي:

"أن الخليلي لم يقصد في تعريفه أن كل تفرّد يُعدّ شاذاً (١)، فهو لم يتعرض في تعريفه لتفرد الحافظ المشهور الثقة أو الإمام، إذ حكم بصحة تفرده حين ذكر أقسام التفرّد، وحين عرّف الشاذ ذكر تفرّد شيخ ثقة، وقال: يتوقف فيه، وهذا يوافق كلامه على القسم الرابع من تقسيمه للأفراد والذي مثّل له بحديث (أبي زُكَير) (٢) وقال عنه: شيخ صالح، وقال: لا يُحكم بصحته ولا بضعفه؛ أي: أنه توقف فيه أيضاً.

وتحدث كذلك في تعريفه للشاذ عن تفرّد شيخ غير ثقة، وحكم برد حديثه، وهذا يوافق كلامه على القسمين الثاني والثالث من تقسيمه للأفراد، والتي حكم عليها بالردّ. والله أعلم". (٣)

وبعد أن عرّف الخليلي الشاذ لم يذكر أمثلة عليه، إنما أطلق وصف الشذوذ على أحد أقسام الفرد التي سبقت ذكره لمعنى الشذوذ، فقال:

"نوع آخر من الأفراد لا يحكم بصحته ولا بضعفه، ويتفرد به شيخ لا يعرف ضعفه ولا توثيقه ... " ثم أخرج بإسناده إلى عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((كلوا البلح بالتمر، فإن الشيطان إذا رأى ذلك غاظه، ويقول:

عاش ابن آدم حتى أكل الجديد


(١) "قلت: والظاهر أن كلام الخليلي مقيد بما قيد به الحاكم، أو نحو ذلك، وإلا كان كلامه ساقطا؛ لأنه لم يذكر فيمن اشترط العدد في الصحيح". البقاعي، النكت، ١/ ٤٥٦.
(٢) يحيى بن محمد بن قيس المحاربي الضرير، أبو محمد المدني، نزيل البصرة، لقبه أبو زُكير بالتصغير، ضعفه ابن معين، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه، وقال أبو زرعة: أحاديثه متقاربة إلا حديثين حدث بهما، وقال العقيلي: لا يتابع على حديثه، قال ابن حبان: كان ممن يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل من غير تعمد، فلما كثر ذلك منه صار غير محتج به إلا عند الوفاق وإن اعتبر بما لم يخالف الأثبات في حديثه فلا ضير، وقال ابن حجر: صدوق يخطئ كثيرا. ينظر: العقيلي، الضعفاء، ٤/ ٤٢٧ (٢٠٥٥)، ابن أبي حاتم، الجرح، ٩/ ١٨٤ (٧٦٤)، ابن حبان، المجروحين، ٣/ ١١٩، ابن عدي، الضعفاء، ٩/ ١٠٤ (٢١٤١)، الذهبي، الكاشف، ٢/ ٣٧٥ (٦٢٤١)، ابن حجر، التقريب، ٥٩٦ (٧٦٣٩).
(٣) ينظر: الأثري، الحديث الشاذ، ٣٩ - ٤٠ بتصرف يسير.

<<  <   >  >>