للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١ - ما كان عن شيخ غير ثقة، فما يتفرّد به متروك لا يُقبل، ولا يُحتج به.

٢ - وما كان عن شيخ ثقة فيتوقف في تفرده، ولا يُحتج به، فإن وجد ما يعضدها ويشهد لها زال التوقف، وتقوّت بغيرها." (١)

وممن فُهم من تعريفه للشاذ بأنه التفرّد: الميانشي، حيث قال: "هو أن يرويه راوٍ معروف، لكنه لا يُوافقه على روايته المعروفون" (٢)، وعلّق الزركشي بقوله: "جرى الميانشي على طريق المحدثين." (٣)، ويُفهم من سياق كلام الزركشي- والنقول التي نقلها- أن المراد بطريق المحدثين في الشاذ: هو تفرّد الثقة سواء خالف غيره أم لم يخالف.

وكتاب الميانشي مختصر، ولم يذكر أمثلة على ما ذكر ليتضح مقصوده، وبالنظر إلى تعريفه مجرداً يمكن حمله على مذهبين من مذاهب العلماء في الشاذ (٤)، المذهب القائل بتفرّد الثقة مطلقاً، والمذهب المقيّد له بمخالفة الثقات، وإن كان الحمل على الإطلاق أولى، ويؤيد ذلك سرده لتعريف الفرد والغريب والشاذ بشكل متتالٍ، فعرّف الفرد بقوله:


(١) حمام، المرجع السابق، ٣٨٠ - ٣٨١ بتصرّف.
(٢) الميانشي، ما لا يسع جهله، ٢٩.
(٣) قال محقق الكتاب: وقوله: "ولكن لا يوافقه على روايته المعروفون" أي لا يتابعونه عليها، وليس بمعنى يخالفونه، وإلا لما كان جرياً على طريق المحدثين. الزركشي، النكت، ٢/ ١٣٩.
(٤) وجدت اختلاف بعض الباحثين المعاصرين في توجيه كلامه رحمه الله، فقال الدكتور عبدالجواد حمام: "هذا التعريف يُظهر أن الشاذ هو تفرد وقع من راوٍ معروف، أي ليس مجهولاً ولا مستوراً، والغالب أنه يقصد الثقة أو نحوه. وهذا الراوي المعروف يأتي بحديث لا يوافقه عليه أصحابه الثقات، ولا يرويه غيره من أقرانه الحفاظ المعروفين بالضبط والتقصي، فهذا الذي يُسمّى شاذاً".
بينما اعتبر الدكتور أبو سمحة تعريف الميانشي موافقاً لما قرره الشافعي من أن مراده بقوله: "لا يوافق على روايته المعرفون" هو مخالفة الثقة لما رواه الثقات. المراجع: حمام، التفرد، ٣٩٤، أبو سمحة، المنكر، ١٤٩.

<<  <   >  >>