للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعريف ابن طاهر المقدسي (ت ٥٠٧ هـ):

قال ابن طاهر المقدسي: "اعلم أن الغرائب والأفراد على خمسة أنواع:

النوع الأول: غرائب وأفراد صحيحة، وهو أن يكون الصحابي مشهوراً برواية جماعة من التابعين عنه، ثم ينفرد بحديثٍ عنه أحدُ الرواة الثقات، لم يروه عنه غيره، ويرويه عن التابعي رجل واحد من الأتباع ثقة، وكلهم من أهل الشهرة (١) والعدالة، وهذا حدٌّ في معرفة الغريب والفرد الصحيح، وقد أُخرِج نظائر في الكتابين.

والنوع الثاني من الأفراد: أحاديثُ يرويها جماعة من التابعين عن الصحابي، ويرويها عن كل واحد منهم جماعة، فينفرد عن بعض رواتها بالرواية عنه رجل واحد، لم يرو ذلك الحديث عن ذلك الرجل غيره من طريق يصح، وإن كان قد رواه عن الطبقة المتقدمة عن (شيخ (شيخه (جماعة ((٢)،

إلا أنه من رواية هذا المنفرد عن شيخه لم يروه عنه (غيره (. (٣)

والنوع الثالث: أحاديث يتفرد بزيادة ألفاظ فيها واحد عن شيخه، لم يرو تلك الزيادة غيره عن ذلك الشيخ، فينسب إليه التفرد بها، وينظر في حاله.

والنوع الرابع: متونٌ اشتهرت عن جماعة من الصحابة أو عن واحد منهم، فيُروَى ذلك المتن عن غيره من الصحابة ممن لا يُعرف به إلا من طريق هذا الواحد، ولم يتابعه عليه غيره.

والنوع الخامس من التفرد: أسانيد ومتون ينفرد بها أهل بلد لا توجد إلا من روايتهم، وسننٌ يتفرد بالعمل بها أهل مِصْرٍ لا يُعْمَل بها في غير مصرهم ... " (٤)


(١) سبق بيان المراد بشهرة الراوي، والتفصيل في أنواعها في مبحثين سابقين، الأول مبحث في بيان الشهرة بالطلب في فصل الحديث الصحيح، والثاني في بيان الشهرة بالصدق في فصل الحديث الحسن.
(٢) كلمتا (شيخ، وجماعة) غير موجودتين في النسخ المطبوعة للأطراف، وإنما تمت إضافتها من نسخة النفح الشذي إذ بهما يكون المعنى أكثر وضوحاً. ينظر: ابن سيّد الناس، النفح الشذي، ١/ ٣٠٧.
(٣) هناك اختلاف يسير في الصياغة بين الطبعات، وقد اعتمدت تحقيق جابر السريِّع.
(٤) المقدسي، أطراف الغرائب والأفراد، ١/ ٥٣.
أردف النوع الخامس بقوله: "وليس هذا النوع مما أراده الدارقطني، ولا ذكره في هذا الكتاب إلا أنا ذكرناه في بابه. ولكل نوع من هذه الأنواع شواهد وأدلة لم نذكرها للاختصار والمتبحر يعلم ذلك في أثناء هذا الكتاب". وذلك في الطبعة الأخرى التي هي بتحقيق: جابر بن عبدالله السريَّع ١/ ٢٩ - ٣٠.
وقد شرح هذه الأنواع ومثّل لها ابن سيد الناس في شرحه لجامع الترمذي، ينظر ابن سيد الناس، النفح الشذي، ١/ ٣٠٧ - ٣١٢.
وحكم الحديث الفرد عند ابن سيّد الناس: -إذا لم يخالف فيه الراوي غيره- يأتي على ثلاثة أحوال ترجع إلى مرتبة الراوي في الحفظ والثقة، وهي:
صحيح إذا كان المتفرد بالرواية من الحفاظ، وحسن إذا كان المتفرد من الثقات، ومردود إذا كان الراوي مستوراً. ينظر: المرجع السابق، ١/ ٢٥٢.

<<  <   >  >>