للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- فمن الأحاديث ما تخفى علته، فلا يُوقف عليها إلا بعد النظر الشديد، ومُضِيّ الزمن البعيد ... كقول علي بن المديني: "ربما أدركت علة حديث بعد أربعين سنة"

- ومنها ما قد كفى راويه مؤونته، وأبان في أول حاله علَّته.

قيل لشعبة: "من أين تعلم أن الشيخ يكذب؟ قال: إذا روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا تأكلوا القرعة حتى تذبحوها علمت أنه يكذب" (١)

فلا يَحسُن الكلام في علم العلل إلا لأهله، قال ابن رجب: "ولا بد في هذا العلم من طول الممارسة، وكثرة المذاكرة فإذا عدم المذاكرة به فليكثر طالبه المطالعة في كلام الأئمة، العارفين كيحيى القطان، ومن تلقى عنه كأحمد وابن المديني، وغيرهما، فمن رزق مطالعة ذلك، وفهمه، وفقهت نفسه فيه، وصارت له فيه قوة نفس وملكة صلح له أن يتكلم فيه." (٢)

والعلة الخفية تتطرق غالباً للإسناد الذي ظاهره الصحة، كما صرّح بذلك ابن الصلاح، فقال: "ويتطرق ذلك إلى الإسناد الذي رجاله ثقات، الجامع شروط الصحة من حيث الظاهر." (٣)

وأشار إلى ذلك الحاكم بقوله: "وإنما يعلل الحديث من أوجه ليس للجرح فيها مدخل، فإن حديث المجروح ساقط واه، وعلة الحديث، يكثر في أحاديث الثقات أن يحدثوا بحديث له


(١) ينظر: الخطيب البغدادي، أخلاق الراوي، ٢/ ٢٥٧ باختصار.
(٢) ابن رجب، شرح العلل، ٢/ ٦٦٤.
(٣) ابن الصلاح، علوم الحديث، ٩٠.

<<  <   >  >>