للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هو مقتضى لفظ العلة في الأصل. ولذلك تجد في كتب علل الحديث الكثير من الجرح بالكذب (١)،

والغفلة (٢)، وسوء الحفظ (٣).


(١) من أمثلة تعليل الحديث - في كتب العلل- بكذب بعض رواته، ما يلي:
- ما أخرجه الترمذي في العلل من رواية عمرو بن مالك , لحديث: ((من كذب علي متعمدا أو رد علي شيئا أمرت به فليتبوأ بيتا في جهنم))، ثم قال: سمعت محمد بن إسماعيل يقول: عمرو بن مالك هذا كذاب، كان استعار كتاب أبي جعفر المسندي فألحق فيه أحاديث (أو قال: حديثا كذبا) .. " فقد أعلّ البخاري هذا الطريق بكذب راويه. ينظر: الترمذي، العلل، ٣٤٠ (٦٣١).
- وكذلك تضمّن ما أخرجه ابن أبي حاتم من سؤالاته لأبيه تعليل بعض الطرق بكذب راويها، من ذلك قوله: سألت أبي عن حديث رواه هشام بن عمار، عن عبدالملك بن محمد الصنعاني؛ قال: حدثنا أبو سلمة العاملي، عن الزهري، عن أنس بن مالك: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأكثم بن الجون: يا أكثم، اغز مع غير قومك تحسن خلقك، وتكرم على رفقائك؟
قال أبي: أبو سلمة العاملي متروك الحديث، كان يكذب، والحديث باطل." ابن أبي حاتم، العلل، ٦/ ١٤٤ - ١٤٥ (٢٣٩٨).
ومن أمثلة ذلك في علل الدارقطني، حيث سئل عن أحاديث رويت، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في المسح على الخفين، منها: حديث يرويه جرير بن أيوب البجلي، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: إذا أدخل أحدكم قدميه طاهرتين فليمسح للمقيم يوما، وللمسافر ثلاثا.
فقال: هذا باطل عن أبي هريرة، وقد قال أبو نعيم: كان جرير يضع الحديث.
وحديث يروى عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة في نحو ذلك.
رواه أيوب بن عتبة، وعمر بن أبي خثعم وهما ضعيفان روياه، عن يحيى، وتابعهما معلى ابن عبدالرحمن الواسطي وكان كذابا فرواه عن عبدالحميد بن جعفر، عن يحيى نحو ذلك، وزاد فيه والخمار، ولم يذكر التوقيت. ينظر: الدارقطني، العلل، ٨/ ٢٧٥ (١٥٦٣).
(٢) من أمثلة تعليل الحديث - في كتب العلل- بالغفلة في بعض رواته، ما يلي:
ما جاء في علل الحديث لابن أبي حاتم حيث قال: "سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه أبو خالد الأحمر، عن يزيد بن سنان، عن أبي المبارك، عن عطاء، عن أبي سعيد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ما آمن بالقرآن من استحل محارمه؟
قال أبو زرعة: رواه وكيع بن الجراح، عن يزيد بن سنان، عن أبي المبارك، عن صهيب، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
قلت: ورواه محمد بن يزيد بن سنان، عن أبيه، عن عطاء، عن مجاهد، عن سعيد ابن المسيب، عن صهيب، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
قال أبو زرعة: حديث محمد بن يزيد أشبه عن أبيه؛ لأنه أفهم بحديث أبيه؛ أن كان كتب أبيه عنده، ويزيد بن سنان ليس بقوي الحديث.
وقال أبي: هذه كلها منكرة، ليست فيها حديث يمكن أن يقال: إنه صحيح، وكأنه شبه الموضوع، وحديث أبيه أنكرها، ومحل يزيد محل الصدق، والغالب عليه الغفلة، فيحتمل أن يكون سمع من أبي المبارك هذا، وهو شبه مجهول.
قال أبي: ومحمد بن يزيد أشد غفلة من أبيه، مع أنه كان رجلا صالحا، لم يكن من أحلاس الحديث." ابن أبي حاتم، العلل، ٤/ ٥٧٠ - ٥٧٢ (١٦٤٧).
-وجاء أيضاً عن ابن أبي حاتم قوله: "وسألت أبي عن حديث رواه هشام بن عمار، عن حاتم بن إسماعيل، عن عبد الرحمن بن عطاء، عن عبد الملك بن جابر ابن عتيك؛ قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أي الأجلين قضى موسى؟ قال: قضى أوفاهما؟
قال أبي: رأيت هذا الحديث قديما في أصل هشام بن عمار: عن حاتم، هكذا مرسل، ثم لقنوه بأخرة: عن جابر، فتلقن، وكان مغفلا." ابن أبي حاتم، العلل، ٤/ ٦٩٥ (١٧٤٣).
(٣) من أمثلة تعليل الحديث - في كتب العلل- بسوء حفظ بعض رواته، ما يلي:
- ما رواه عبدالله ابن الإمام أحمد عن أبيه حيث قال: "سألت أبي عن حديث البراء بن عازب في الرفع، فقال: حدثنا محمد بن جعفر غندر قال: حدثنا شعبة عن يزيد بن أبي زياد قال: سمعت ابن أبي ليلى يقول: سمعت البراء يحدث قوما فيهم كعب بن عجرة قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين فتح الصلاة رفع يديه.
قال أبي وكان سفيان بن عيينة يقول: سمعناه من يزيد هكذا ... حدثني أبي عن محمد بن عبد الله بن نمير قال نظرت في كتاب بن أبي ليلى فإذا هو يرويه عن يزيد بن أبي زياد.
قال أبي: وحدثناه وكيع سمعه من بن أبي ليلى عن الحكم وعيسى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وكان أبي يذكر حديث الحكم وعيسى يقول: إنما هو حديث يزيد بن أبي زياد كما رآه بن نمير في كتاب بن أبي ليلى.
قال أبي: ابن أبي ليلى كان سيِّئ الحفظ ولم يكن يزيد بن أبي زياد بالحافظ." أحمد بن حنبل، العلل ومعرفة الرجال، ١/ ٣٦٨ - ٣٦٩ (٧٠٨).
من أمثلة ذلك في علل الدارقطني حيث "سُئل عن حديث ثابت، عن أنس، قالت الأنصار لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ادع لنا بالمغفرة، فقال: ((اللهم اغفر للأنصار ولأبناء الأنصار، ولأبناء أبناء الأنصار.)) فقال: يرويه يزيد بن أبي زياد واختلف عنه: رواه عبد العزيز بن مسلم، عن يزيد بن أبي زياد، عن ثابت، عن أنس.
وخالفه أبو الأحوص؛ فرواه عنه عن يزيد الرقاشي، عن أنس، والاضطراب فيه من يزيد بن أبي زياد، فإنه كان سيِّئ الحفظ." الدارقطني، العلل، ١٢/ ٣٨ (٢٣٨٢).
- وسئل أيضا: "عن حديث سعيد بن جبير، عن ابن عمر: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ((إذا اشتريت ذهبا بفضة فلا تفارق صاحبك وبينك وبينه لبس.)) فقال: اختلف في رفعه على سعيد بن جبير؛ فرواه سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير، مرفوعا. حدث به عنه أبو خالد الدالاني، وأبو الأحوص، وإسرائيل، والثوري، وعمر بن رزين، وحماد بن سلمة، ومحمد بن جابر. وقال عمر بن عبيد: حدثنا سماك، أو عطاء بن السائب، والصواب: سماك. وخالفه داود بن أبي هند، فرواه عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر، موقوفا. وكذلك رواه سعيد بن المسيب، ونافع، عن ابن عمر، موقوفا.
ولم يرفعه غير سماك، وسماك سيِّئ الحفظ. الدارقطني، العلل، ١٣/ ١٨٤ (٣٠٧٢).

<<  <   >  >>