للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو المتن، وسواء وقع هذا الاختلاف في رواية الراوي الواحد حيث يرويه مرة هكذا، ومرة هكذا كما ذكر الترمذي (١)، أو وقع الاختلاف بين عدد من الرواة في روايتهم عن شيخهم، فيروي بعضهم ما يخالف رواية الآخرين؛ لذا استدرك الزركشي ما قد يُتوهم من إغفال تعريف ابن الصلاح للاضطراب الصادر عن راوٍ واحد فقال - مُعقِّباً على قول ابن الصلاح "هو الذي يختلف الرواة فيه"-: "قد يخرج ما لو حصل الاضطراب من راو واحد. وقد يقال فيه: نبنيه على دخوله من باب أولى، فإنه أولى بالرد من الاختلاف بين راويين". (٢)

ولأن "الاختلاف في الأصل قسمان: اختلاف تنوع، واختلاف تضاد" (٣)؛ فإن اختلاف الرواة منه القادح في صحة الحديث، ومنه غير القادح، وإنما يُعدّ هذا الاختلاف اضطراباً إذا كان قادحاً في الصحة، وهذا ما استدركه الزركشي على ابن الصلاح فقال: "وينبغي


(١) قال الدكتور عداب الحمش - بعد أن استعرض عدداً من أمثلة الحديث التي وصفها الترمذي بالاضطراب-: "وقد ظهر لي أن حدّ الاضطراب عند الترمذي يعني مطلق اختلاف الراوي المدار، أو الرواة عنه في سياقة الحديث سنداً أو متناً، أو جميعهما معاً." الحمش، الإمام الترمذي، ١/ ٣٥٦.
(٢) الزركشي، النكت، /٢٢٤. "هذا اعتراض متجه، لأن الاضطراب في الأعم الأغلب يحصل من راو واحد، وهو الذي يوجه الغلط فيه لمن اضطرب فيه. أما الاضطراب من راويين فهو أقل، وكذلك قد يوجه الاضطراب لأحد الراويين أو للشيخ، وربما كان قد حدث بالوجهين" الفحل، اختلاف الأسانيد، ٢٢٢.
(٣) ابن أبي العز، شرح العقيدة الطحاوية، ٢/ ٧٧٨. واختلاف التنوع: "منه ما يكون كل من القولين هو في المعنى القول الآخر، لكن العبارتان مختلفتان، كما قد يختلف كثير من الناس في ألفاظ الحدود، وصَوْغ الأدلة، والتعبير عن المسميات، ونحو ذلك ... وأما اختلاف التضاد: فهو القولان المتنافيان، إما في الأصول، وإما في الفروع ... " المرجع السابق، ٢/ ٧٧٩.

<<  <   >  >>