للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن يقال على وجه يؤثر" (١)، أي: الاختلاف المؤثر في الصحة، وأكّد على ذلك ابن حجر بقوله: "الاضطراب هو: الاختلاف الذي يُؤثِّر قدحاً". (٢)

فاشتراط كونه مؤثراً يُخرج اختلاف التنوِّع في الرواية، والذي مثَّل له الذهبي بقوله: "ومن أمثلة اختلاف الحافظين: أن يُسمِّي أحدهما في الإسناد ثقة، ويُبدله الآخر بثقة آخر. أو يقول أحدهما: (عن رجل)، ويقول الآخر: (عن فلان) فيسمي ذلك المبهم. فهذا لا يضر في الصحة." (٣)

ولأن الاضطراب يقع في السند وفي المتن، فقد قسّم ابن سيّد الناس - في كتابه النفح الشذي- (٤) الاضطراب من حيث موضعه في السند أو المتن، ومن حيث القدح وعدمه إلى أربعة أقسام.

اضطراب في الإسناد، ومنه القادح، وغير القادح (٥)، أما القادح: فالحديث يُروى عن الثقة تارة وعن من تُكُلِّمَ فيه تارة، والراوي عنهما واحد، والطرق إليه مختلفة. (٦)


(١) الزركشي، النكت، ٢/ ٢٢٤.
(٢) ابن حجر، النكت، ٢/ ٧٧٣.
(٣) الذهبي، الموقظة، ٥١، ينظر: ابن دقيق العيد، الاقتراح، ٢٢، ابن حجر، المرجع السابق، بازمول، المقترب، ٤٢.
(٤) ابن سيد الناس، النفح الشذي شرح جامع الترمذي، ١/ ١٩٩ - ٢٠١.
(٥) مثّل له بحديث: عبدالله بن مسعود قال: ((خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - لحاجته، فقال: التمس لي ثلاثة أحجار، قال: فأتيته بحجرين وروثة ... ))، أخرجه الترمذي في سننه، كتاب الطهارة، باب في الاستنجاء بالحجرين، ١/ ٦٩ ح (١٧)، قال الترمذي: "وهذا حديث فيه اضطراب".
قال ابن سيد الناس: "وصفوه كلهم بالاضطراب وخُرِّج مع ذلك في الصحيح، وهو اضطراب يرجع إلى الإسناد، والخلاف فيه على أبي إسحاق بين أبي عبيدة والأسود بن يزيد وعبدالرحمن ابنه وعبدالرحمن بن يزيد وعلقمة وكلُّهم ثقاتٌ فكيف ما انقلبنا انقلبنا إلى ثقة، فهذا وأمثاله لا يضر ولا يُعدُّ قادحًا." المرجع السابق.
(٦) مثّل له بقوله: "كما وقع من الاختلاف في الحديث المروي عن عبيدالله العمري وعبدالله أخيه عن الزهري أو غيره من الشيوخ فإنَّ عبيد الله مجمع على قوله وعبد الله مختلف فيه فهذا اضطراب يرجع إلى الإسناد وهو مما يوجب الوهن؛ لأنَّ ناقل الحديث في نفس الأمر أشكلَ علينا ودار الأمر فيه: متفق عليه، ومختلف فيه فلم يثبت عن من نعرف حاله يقينًا بغير شك." المرجع السابق.

<<  <   >  >>