المخصوص به، فلا فائدة أبدًا في عمل المواليد، ولا دلالة فيها على شقيٍّ ولا سعيد، ولم يبقَ إلَّا معاندة القرآن العظيم. وفيه استحلال دمه على هذا التنجيم، ولقد أحسن الشاعر حيث قال:
حَكَمَ المنَجِّمُ أن طالعَ مولِدِي ... يقضِي عليَّ بِميتةِ الغَرقِ
وقيل لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- لما أراد لقاء الخوارج:"أتلقاهم والقمر في العقرب؟ "، فقال -رضي الله عنه-: "فأين قمرهم؟ "، وكان ذلك في آخر الشهر. فانظر إلى هذه الكلمة التي أجاب بها، وما فيها من المبالغة في الرد على مَن يقول بالتنجيم، والإفحام لكل جاهل يحقق أحكام النجوم. وقال له مسافر بن عوف:"يا أمير المؤمنين! لا تَسِرْ في هذه الساعة، وسِرْ في ثلاث ساعات يمضين من النهار"، فقال له علي -رضي الله عنه-: "ولمَ؟ "، قال:"إنك إن سرت في هذه الساعة أصابك وأصاب أصحابك بلاء وضر شديد، وإن سرت في الساعة التي أمرتك بها ظفرت وظهرت وأصبت ما طلبت". فقال علي -رضي الله عنه-: "ما كان لمحمد -صلى الله عليه وسلم- مُنَجِّم، ولا لنا من بعده" -في كلام طويل يَحتجُّ فيه بآيات من التنزيل- "فمن صَدَّقَكَ في هذا القول لم آمن عليه أن يكون كمن اتخذ من دون الله نِدًّا أو ضدًّا، اللهم لا طير إلا طيرك، ولا خير إلَّا خيرك". ثم قال للمتكلم:"نكذّبك، ونخالفك، ونسير في الساعة التي تنهانا عنها".
ثم أقبل على الناس، فقال: "يأيها الناس، إياكم وتعلمَ النجوم إلَّا ما تهتدون به في ظلمات البر والبحر؛ وإنما المنجم كالساحر، والساحر كالكافر، والكافر في النار، والله لئن بلغني أنك تنظر في النجوم،