للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الساعة الكبرى (١): هي بعث الناس للمحاسبة، وهي التي أشار إليها بقوله عليه السلام: "ولا تقوم الساعة حتِى يظهرَ الفُحش والتفاحُش" (٢) إلى غير ذلك، وذكر أمورًا لم تحدث في زمانه ولا بعده.

والساعة الوسطى: وهي موت أهل القرن الواحد، وذلك نحو ما رُويَ أنه رأى عبد الله بن أُنَيْس (٣)، فقال: "إن يَطُلْ عُمرُ هَذَا الغُلَامِ لم يمُتْ حتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ" (٤).

والساعة الصغري: وهي موت الإنسان، فساعةُ كلِّ إنسانٍ موتُه، وهي المشارُ إليها بقوله: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً} [الأنعام:٣١]، ومعلوم أن هذه الحسرة تنال الإنسانَ عند موته، لقوله تعالى: {وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ


(١) وإذا أطلقت الساعة في القرآن الكريم، فالمراد بها القيامة الكبرى: قال تعالى: {يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ} [الأحزاب: ٦٣]، أي: عن القيامة، وقال تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} [القمر: ١]، أي: اقتربت القيامة.
(٢) رواه الإمام أحمد (٢/ ١٦٢) رقم (٦٥١٤)، من رواية عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-، بلفظ: "لا تقوم الساعة حتى يظهر الفحش، والتفاحش، وقطيعة الرحم، وسوء المجاورة" الحديث، وقال الشيخ أحمد شاكر: "إسناده صحيح " (١٠/ ٢٠).
(٣) قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-: "إن ما ذكره عن عبد الله بن أُنَيس لم نقف عليه، ولا هو آخر من مات من الصحابة هَرِمًا" اهـ. من "فتح الباري" (١/ ٣٦٤).
(٤) وعن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان الأعراب إذا قدموا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سألوه عن الساعة: متى الساعة؟ فنظر إلى أحدث إنسان منهم، فقال: "إن يعش هذا لم يدركه الهرم؛ قامت عليكم ساعتكم"، رواه البخاري (١١/ ٣٦١ - الفتح)، ومسلم (١٨/ ٩٠ - النووي). والمراد بساعتهم: موتهم، فهو ساعة المخاطبين، كما "في الفتح" (١١/ ٣٦٣)، وانظر: "تفسير المنار" (٩/ ٣٨٧).

<<  <   >  >>