للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول السهيلي (١) كذلك تعليقًا على الحساب اليهودي: "وهذا القول من أحبار يهود، وما تأولوه من معاني هذه الحروف محتمل- حتى الآن- أن يكون من بعض ما دلت عليه الحروف المُقَطَّعَة ... ".

ولقد أدى تَسَربُ هذه الفكرة إلى أن توقع بعض العلماء انقضاء هذه الأمة المحمدية بعد الخمس مائة سنة الأولى، وها نحن الآن في عام ١٤٢٨هـ، والأمة باقية بحمد الله -تعالى-، ومَنِّه، وكرامته، وهي تزيد عددًا، ويكثر أتباع دين الحق.

يَقُولُ الدُّكتُورُ مُحَمَّدُ أَبُو فراخ مُعَلِّقًا عَلَى هَذَا المسْلَكِ:

"وإني لأعجب أشد العجب من قوم يَعْلَمُون أن الله -تعالى- قد استأثر بعلم الغيوب، ورأوا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يثبت عنه أنه قال في شيء من ذلك كلامًا صريحًا؛ كيف يشقون على أنفسهم، ويتحملون العناء؛ ليذكروا من هذا ما لا يقبله العقل، ولا يطمئن إليه، ثم إنهم إذا أرأدوا أن يجعلوا الحروف التي وقعت في أوائل السور تدل -فيما تدل عليه- على ذلك المعنى، لماذا اقتصروا على بعضها دون بعض؟ وَهَلَّا جمعوها كلها؛ سواءٌ أتكَررت، أم لم تتكرر، ثم ذهبوا إلى أن مجموع جميعها هو المقصود" إلى أن قال: "وبعد؛ فإنَّا لا نسيغ لأنفسنا، ولا نرضى لأحدٍ سوانا أن يخوض في هذا، وفيما أشبه هذا؛ فإن علم ذلك كله عند الله وحده" (٢).


(١) وعلَّق الحافظ ابن حجر على موقف السهيلي هنا بقوله: "ولم أذكر ذلك -أي تطبيق حساب الجمَّل على الحروف المقطعة- ليُعتمد عليه؟ إلا لأبين أن الذي جنح إليه السهيلي لا ينبغي الاعتماد عليه لشدة التخالف فيه". اهـ من الفتح (١١/ ٣٥٢).
(٢) "الحروف المتقطعة" ص (٥٩).

<<  <   >  >>