للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم قا ل: "قال الخويبي: وقد استخرج بعضهم من {الم (١)} [الروم:١] فتح بيت المقدس؛ يفتحه المسلمون في سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، ووقع كما قاله"، ويوضح ابن عربي الكيفية التي تَمَّ بها ذلك الحساب الغريب، فَارْجِعْ إلى "روح المعاني" في ذلك إن شئت".

وذكر بعضهم أن "طه" معناه: يا بدر؛ لأن الطاء بتسعة، والهاء بخمسة؛ فذلك أربع عشرة؛ إشارةً إلى البدر؛ لأنه يتم فيها، وقريب من هذا ما عُنِيَ به بعض الشيعة من حذف المكرر من هذه الحروف، وصياغة جمل مما بقي منها في علي -رضي الله عنه-، أو تفضيله، وترجيح خلافته؛ كقولهم: "صراط علي حق نمسكة"، ولكنهم قوبلوا بجمل أخرى مثلها من بعض السنيين تنقض ما قالوه؛ كقولهم: "صح طريقك مع السنة" (١)، إلى غير ذلك من الأقوال الغريبة الأخرى، ليس هذا موضع بسطها (٢).

ولقد نهى ابن عباس -رضي الله عنهما- عن مثل هذا المسلك، الذي اعتبره من جملة السحر، واعتبر أصحابه من الذين يتبعون المتشابه؛ لما في قلوبهم من الزيغ، والفتنة، والضلال، وذكر ابن حجر أن حساب الجمل: "باطلٌ لا يُعْتَمدُ عليه، ولا أصل له في الشريعة" (٣).

وقال ابن كثير: "وأما من زعم أنها دَالَّةٌ على معرفة المدد، وأنه يستخرج من ذلك أوقات الحوادث، والفتن الملاحم؛ فقد ادَّعى ما ليس


(١) وقال بعضهم: "نص حكيمٌ قاطعٌ له سِرٌّ"، وما صح معناه من ذلك فإنما هو من "المُلَح"، وليس من "صُلْب" العلم.
(٢) انظرها في "الإتقان" (٢/ ٨ - ١٣)، "روح المعاني" (١/ ١٠٤)، "المنار" (١/ ١٢٣)، "سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم-" لابن هشام (١٧٢/ ٢).
(٣) "فتح الباري" (٨/ ٢١١)، وانظر: "الإتقان" (٢/ ١١).

<<  <   >  >>