للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو خروج المهدي، ونزول عيسى، صائحين بأن الإسلام دستورنا، جازمين بأنا سنقيم دولتنا، فذلك محال، بل وضلال؛ لمخالفته لسنَّة الله الكونية والشرعية معًا، قال -تعالى-: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: ١١]، وقال -صلى الله عليه وسلم-: «إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ» (١).

من أجل ذلك قال أحد الدعاة الإسلاميين اليوم: "أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تَقُمْ لكم في أرضكم"، وهذا كلام جميل جدًّا، ولكن أجمل منه العمل به {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٠٥)} (٢) [التوبة].

وقال -رحمه الله تعالى- في سياق رده على من زعم أن دولة الخلافة الإسلامية لن تعود قبل ظهور المهدي:

"واعلم يا أخي المسلم أن كثيرًا من المسلمين اليوم قد انحرفوا عن الصواب في هذا الموضوع؛ فمنهم من استقر في نفسه أن دولة الإسلام لن تقوم إلا بخروج المهدي، وهَذِهِ خُرَافَةٌ وضلالة ألقاها الشيطان في قلوب كثير من العامَّة، وبخاصة الصوفية منهم، وليس في شيء من


(١) رواه أبو داود، (٣٤٦٢) في البيوع، باب "النهي عن العينة". والعينة: أن يبيع شيئا من غيره بثمن مؤجل، ويسلمه إلى المشتري، ثم يشتريه قبل قبض الثمن بثمن أقل من ذلك القدر، يدفعه نقدا، وانظر: "السلسلة الصحيحة"، رقم (١١).
(٢) "سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة"، (٢/ ٢).

<<  <   >  >>