للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحاديث المهدي ما يُشعِر بذلك مطلقًا، بل هي كلها لا تَخرُجُ عن أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- بَشَّرَ المسلمين بِرَجلٍ من أهل بَيتِهِ، ووصفه بصفات، أبرزها: أنه يحكم بالإسلام، وَينْشُرُ العدل بين الأنام، فهو في الحقيقة من المجدّدِينَ الذين يبعثهم الله في رأس كل مائة سنة، كما صح عنه -صلى الله غليه وآله وسلم- فكما أن ذلك لا يستلزم ترك السعي وراء طلب العلم، والعمل به لتجديد الدين، فكذلك خروج المهدي لا يستلزم التواكُلَ عليه، وتركَ الاستعدادِ والعملِ لإقامة حكم الله في الأرض، بل العكس هو الصَّواب؛ فإن المهدي لن يكون أعظم سعيًا من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي ظل ثلالة وَعشرين عامًا وهو يعمل لتوطيد دعائم الإسلام، وإقامة دولته، فماذا عسى أن يفعل المهدي لو خرج اليوم، فوجد المسلمين شيعًا وأحزابًا، وعلماءهم -إلا القليل منهم- اتخذهم الناس رءوسًا، لما استطاع أن يقيم دولة الإسلام إلا بعد أن يُوَحِّدَ كلمتهم، ويجمعهم في صف واحد، وتحت راية واحدة، وهذا -بلا شك- يحتاج إلى زمن مديدٍ اللهُ أعلم به، فالشرع والعقل معًا يقضيان أن يقوم بهذا الواجب المخْلصُونَ من المسلمين، حتى إذا خَرَجَ المهدي، لم يكن بحاجة إلا أن يقودهم إلى النصر، وإن لم يخرج (١)، فقد قاموا بواجبهم، والله يقول: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ} (٢). اهـ.

وفي كتابهما "الجماعات الإسلامية في ضوء الكتاب والسنة" يُفَصِّلُ المؤلفان هذا المسلك، ويقولان ما ملخصه -بتصرف وإضافات-:


(١) أي: في زمانهم.
(٢) "سلسلة الأحاديث الصحيحة"، (٤/ ٢٤,٣٤).

<<  <   >  >>