للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتسج ببردي هذا الحضرمي الأخضر فنم فيه فإنه لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم) (١).

فأخبره الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام بأنه لن يمسّه مكروه.

وهو ما يقرّ به كبار علماء الشيعة الإثني عشرية في كتبهم عند تقريرهم لهذه المسألة.

يقول الشيخ جعفر السبحاني: (روى المحدثون أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما أراد الهجرة خلّف علي بن أبي طالب عليه السلام بمكة لقضاء ديونه ورد الودائع التي كانت عنده، وأمره ليلة خرج إلى الغار وقد أحاط المشركون بالدار أن ينام على فراشه فقال صلى الله عليه وآله وسلم له: يا علي، اتشح ببردي الحضرمي الأخضر ثم نم على فراشي فإنه لا يخلص إليك منهم مكروه إن شاء الله عز وجل، ففعل ذلك عليه السلام) (٢).

ونصّ على ذلك أيضاً الشيخ محمد باقر الخرسان في تعليقه على عبارة: (أنا وقيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بنفسي في الغار) من كتاب "الاحتجاج" للطبرسي (٣).

فهل تستوي تضحية من يعلم يقيناً بأنّ القوم لن يمسوه بسوء بمن أقدم على الموت بنفسه وعرّض أهله للخطر والهلاك معه في رحلة الهجرة (٤)؟


(١) السيرة النبوية ٣/ ٨
(٢) مفاهيم القرآن (العدل والإمامة) ١٠/ ٢٢٩
(٣) هامش ص١٦٠ من كتاب الاحتجاج
(٤) فقد كانت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها تأتي النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأبا بكر في الغار كل مساء بالطعام، وكان عبد الله بن أبي بكر رضي الله عنه يتسمّع للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وأبا بكر ما يقوله الناس عنهما في النهار، فيأتيهما به بالليل في الغار، ثم يرجع إلى مكة في السَّحر ليصبح مع قريش وكانت مهمة عامر بن فُهيرة وهو مولى أبي بكر رضي الله عنه يرعى غنم أبي بكر في النهار ثم يُريحها عليهما في الغار إذا أمسى ليطعما من ألبانها ويزيل بمسيره بالغنم آثار أقدام عبد الله بن أبي بكر لئلا يلحظ المشركون أثره عند الغار (راجع: فتح الباري ١٥/ ٩١ - ٩٢ والسيرة النبوية لابن إسحاق).

<<  <   >  >>