للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والإمام علي رضي الله عنه لم يكن إذ ذاك قد تزوج أصلاً (١) حتى يغسّله إمام من أبنائه إذا ما قتله المشركون، فهو وفقاً لنظرية الإمامية يعلم علم اليقين أنه لن يمسه سوء!

فإن قائل: إنّ الإمام علي بن أبي طالب أشجع الصحابة وعدّد مآثره العظيمة في خيبر وغيرها، مستدلاً بذلك على أحقيته بالخلافة من أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه.

أجبته بقولي: لا ريب بأنّ الإمام علياً من أشجع الصحابة وأربطأهم جأشاً، فمنازلاته في المعارك تشهد له بذلك، لكننا نتكلم عن مؤهلات خلافة وحكم، فالإمام علي تميّز بكونه محارب من الطراز الأول، فهو من هذه الناحية قد تفوق على أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه ولا ريب، لكن الخلافة والحكم لا يحتاجان إلى جندي محارب حتى يُستشهد ببطولات الإمام علي وتميزه في القتال وإنما يحتاجان إلى قيادة فاعلة وذات سيادة، وفي هذه تفوق أبو بكر الصدّيق على علي بن أبي طالب، فإنّ أبا بكر الصدّيق وهو من قبيلة (تيم) الضعيفة التي لا تمثل بالنسبة لقريش الكثير استطاع أن يقود المسلمين بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وظهور أمر مسيلمة الكذاب والأسود العنسي وسجاح وأمثالهم فانتصر وأعطى للجزيرة العربية الثبات والاستقرار بعد انفلات الأمر وظهور حركات المرتدين المذكورة، بينما لم يستطع الإمام علي وهو من بني هاشم الذين لهم ثقلهم السياسي والقبلي في العرب أن يسيطر على الأوضاع عند اختلاف المسلمين فيما بينهم إثر مقتل الخليفة عثمان بن عفان رضي الله


(١) الثابت أنّ علياً رضي الله عنه تزوج فاطمة رضي الله عنها في السنة الثانية من الهجرة كما نقل ذلك الذهبي في "سير أعلام النبلاء ٢/ ١١٩" في ترجمته لفاطمة رضي الله عنها حيث نصّ على أنّ الزواج كان سنة اثنتين من الهجرة بعد وقعة بدر، وقال صاحب "عون المعبود ٦/ ١١٤": تزوجها علي رضي الله عنه في السنة الثانية من الهجرة في شهر رمضان وبنى عليها في ذي الحجة، فيما يرى الشيخ المفيد –وهو من كبار علماء الإمامية– أنّ الزواج كانت ليلة خميس سنة ثلاث من الهجرة النبوية كما نقل ذلك المجلسي في البحار ٤٣/ ٩٢، وعلى كل الأحوال فإنّ الزواج لم يتم إلا بعد الهجرة بسنتين أو أكثر.

<<  <   >  >>