عنه، هذا أمر واقعي سطّره التاريخ ولا بد لنا أن نتمعن فيه، إنّ الإمام علي قد تفوق على الإمام أبي بكر في المبارزة والقتال لكنه لم يتفوق عليه في القدرة على قيادة الأمة واحتواء التيارات السياسية المتنافسة في المجتمع الإسلامي وجمعها على كلمة واحدة، هذه هي الحقيقة دون تجميل أو محاباة.
أما مسألة الشجاعة فمن الذي قال بأنّ الشجاعة يُمكن أن تقاس بالقتال فقط؟
(إنّ الشجاعة ليست بكثرة قتل اليد ولا قوة البدن، فإنّ نبينا صلى الله عليه وآله وسلم أشجع الخلق كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: كنا إذا احمرّ البأس ولقي القومُ القومَ كنا نتّقي برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فكان يكون أقرب إلى القوم منا.
وقد انهزم أصحابه يوم حنين وهو على بغلة يسوقها نحو العدو، ويتسمّى بحيث لا يُخفي نفسه ويقول:
أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطّلب
ومع هذا فلم يقتل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيده إلا واحداً وهو أُبيّ بن خلف قتله يوم أحد.
وكان في الصحابة من هو أكثر قتلاً من أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وإن كان لا يفضل عليهم في الشجاعة، مثل البراء بن مالك أخي أنس بن مالك، فإنه قتل مئة رجل مبارزة غيرَ من شركَ في دمه.
ولم يقتل أحدٌ من الخلفاء على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم هذا العدد، بل ولا حمزة سيد الشهداء - وهو أسد الله ورسوله – لم يقتل هذا العدد، وهو في الشجاعة إلى الغاية) (١).
(١) جامع المسائل لتقي الدين ابن تيمية ص٢٤٧ - ٢٤٩ بتصرف.