للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوقفة الرابعة: لقد ادّعى الشيعة الإثنا عشرية أنّ الإمامة التي هي (قيادة المجتمع) هي منزلة أعظم من النبوة، ونسبوا إلى الإمام الصادق قوله: (إنّ الله تبارك وتعالى اتخذ إبراهيم عبداً قبل أن يتخذه نبياً، وإنّ الله اتخذه نبياً قبل أن يتخذه رسولاً، وإنّ الله اتخذه رسولاً قبل أن يتخذه خليلاً، وإنّ الله اتخذه خليلاً قبل أن يجعله إماماً، فلما جمع له الأشياء قال: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً}، قال: فمن عِظمها في عين إبراهيم قال: {وَمِن ذُرِّيَّتِي}) (١)، وهم لأجل هذه الإمامة المعظّمة والمصروفة عن آل البيت قد أقاموا الدنيا ولم يقعدوها، وكفّروا لأجل ذلك الصحابة ومن والاهم (٢)، بينما نجد أنّ الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه نفسه يشبه الإمامة التي يفضلونها على النبوة بـ (النعال) كما في الخطبة رقم (٣٣) من "نهج البلاغة" والتي يقول فيها عبد الله بن عباس: (دخلت على أمير المؤمنين (ع) بذي قار وهو يخصف نعله، فقال لي: ما قيمة هذا النعل؟ فقلت: لا قيمة لها، فقال (ع): والله لهي أحب إلي من إمرتكم إلا أن أقيم حقاً أو أدفع باطلاً).

بل شبهها بـ (عفطة عنز!) إذ يقول في الخطبة الشقشقية في معرض تحسره على الخلافة (٣):


(١) تقدم تخريجه
(٢) كما سبق بيانه تحت عنوان (المرجعيات ولغة التكفير) فراجعه.
(٣) إنّ "نهج البلاغة" بما فيه من خطب وأقوال منسوبة إلى الإمام علي رضي الله عنه يفتقد إلى الإسناد المتصل إليه، فجامعه (الشيخ الرضّي) من أعلام القرن الرابع الهجري، وبينه وبين الإمام علي مفاوز، ومع هذا قبله الشيعة على ما فيه من العلل لعِدم عنايتهم بالإسناد الصحيح، ولقد بذل الشيخ عبد الزهراء الحسيني جهداً مضنياً فيما يبدو في كتابه (مصادر نهج البلاغة وأسانيده) لإعطاء "النهج" نوعاً من المصداقية لكنه لم يفلح فإنّ أغلب الكتب التي اعتمد عليها في إثبات صحة ما يُنسب إلى الإمام علي في "النهج" هي كتب مُلَح وأدب ليس لها سند أصلاً!

<<  <   >  >>