للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتفسير قوله تعالى {إِنَّمَا وَلِيُّكُم} بالإمارة لا يتفق مع وصف الله تعالى نفسه بأنه ولي المؤمنين، فإنّ الله عز وجل لا يُوصف بأنه أمير المؤمنين على عباده أو خليفتهم أو أنه إمامهم!!

لأنه سبحانه وتعالى خالقهم ورازقهم وربهم ومليكهم، له الخلق والأمر، فالولاية هنا تعني النصرة والمحبة، فإنّ الله عز وجل يتولى عباده المؤمنين فيحبهم ويحبونه، ويرضى عنهم ويرضون عنه، وكذلك الحال في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي المؤمنين الذين عبّر الله عز وجل عنهم بـ (الذين آمنوا) سواء كان علي بن أبي طالب أو غيره.

فهذه هي الولاية المقصودة في الآية، ومن يأبى إلا الإصرار على أنها في الإمامة فنحن نطالبه بأن يستبدل لفظ (وليكم) بـ (إمامكم) أو (خليفتكم) ويرينا هل يستقيم له المعنى.

وللألوسي كلام نفيس في هذا الموضوع يقول فيه: (ووجه استدلال الشيعة بخبر (من كنت مولاه فعلى مولاه) أنّ المولى بمعنى الأولى بالتصرف وأولوية التصرف عين الإمامة ولا يخفى أنّ أول اللفظ فى هذا الاستدلال جعلهم المولى بمعنى الأولى، وقد أنكر ذلك أهل العربية قاطبة بل قالوا: لم يجاء مفعل بمعنى أفعل أصلاً ولم يجوّز ذلك إلا أبو زيد اللغوى متمسكاً بقول أبى عبيدة فى تفسير قوله تعالى {هِيَ مَوْلَاكُمْ} أي أولى بكم، ورُدّ بأنه يلزم عليه صحة (فلان مولى من فلان) كما يصح (فلان أولى من فلان) واللازم باطل إجماعاً فالملزوم مثله، وتفسير أبى عبيدة بيان لحاصل المعنى يعنى النار مقركم ومصيركم والموضع اللائق بكم وليس نصاً فى أنّ لفظ المولى ثمة بمعنى الأولى.

والثانى: لو سلمنا أنّ المولى بمعنى الأولى لا يلزم أن يكون صلته بالتصرف بل يحتمل أن يكون المراد أولى بالمحبة وأولى بالتعظيم ونحو ذلك، وكم جاء الأولى فى كلام لايصح معه تقدير التصرف كقوله تعالى {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ

<<  <   >  >>