للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

آمَنُوا} (١) على أنّ لنا قرينتين على أنّ المراد من الولاية من لفظ المولى أو الأولى بالمحبة إحداهما ما روينا عن محمد بن إسحاق فى شكوى الذين كانوا مع الأمير كرم الله تعالى وجهه فى اليمن كبريد الأسلمى وخالد بن الوليد وغيرهما ولم يمنع صلى الله عليه وآله وسلم الشاكين بخصوصهم مبالغة فى طلب موالاته وتلطفاُ فى الدعوة إليها كما هو الغالب فى شأنه صلى الله عليه وآله وسلم فى مثل ذلك، وللتلطف المذكور افتتح الخطبة صلى الله عليه وآله وسلم بقوله (ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم).

وثانيهما قوله عليه الصلاة والسلام على ما في بعض الروايات (اللهم وال من والاه وعاد من عاداه) فإنه لو كان المراد من (المولى) المتصرف فى الأمور أو الأولى بالتصرف لقال عليه الصلاة والسلام (اللهم وال من كان فى تصرفه وعاد من لم يكن كذلك)، فحيث ذكر صلى الله عليه وآله وسلم المحبة والعداوة فقد نبه على أنّ المقصود إيجاب محبته كرم الله تعالى وجهه والتحذير من عداوته وبغضه لا التصرف وعدمه ولو كان المراد الخلافة لصرح صلى الله عليه وآله وسلم بها، ويدل لذلك ما رواه أبو نعيم عن الحسن المثنى بن الحسن السبط رضى الله تعالى عنهما أنهم سألوه عن هذا الخبر هل هو نص على خلافة الأمير كرم الله تعالى وجهه فقال: لوكان النبى صلى الله عليه وآله وسلم أراد خلافته لقال: (أيها الناس، هذا ولي أمرى والقائم عليكم بعدى فاسمعوا وأطيعوا) ثم قال الحسن: (أقسم بالله سبحانه أنّ الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم لو آثرا علياً لأجل هذا الأمر، ولم يُقدّم علي كرم الله تعالى وجهه عليه، لكان أعظم الناس خطأ.


(١) سورة آل عمران آية ٦٨

<<  <   >  >>