ولئن طالبتني بجريرتي لأطالبنك بعفوك، ولئن أمرت بي إلى النار لأخبرن أهلها أني كنت أقول: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، اللهم إنّ الطاعة تسرك، والمعصية لا تضرك، فهب لي ما يسرك، واغفر لي ما لا يضرك، يا أرحم الراحمين) (١).
ومثل هذا الكلام لا يقوله من هو معصوم عن الذنوب صغيرها وكبيرها، فإنّ الإمام الصادق إنما يسأل الله تعالى أمراً جائز الوقوع، لا أمراً يستحيل وقوعه منه!
وروى الكليني في "الكافي" بسند حسّنه المجلسي في "مرآة العقول ٢٣/ ٢٧٦" عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: (كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فدخل عليه عباد البصري ومعه أناس من أصحابه فقال له: حدثني إذا أخذ الرجلان في لحاف واحد؟ فقال له: كان علي عليه السلام إذا أخذ الرجلين في لحاف واحد ضربهما الحد، فقال عباد: إنك قلت لي: غير سوط فأعاد عليه ذكر الحديث حتى أعاد عليه ذلك مراراً فقال: غير سوط. فكتب القوم الحضور عند ذلك الحديث).
فها هو الإمام جعفر الصادق يشهد في هذا الخبر أنه كغيره من علماء المسلمين، ربما روى حدث بالخبر فاضطرب فيه لنسيان أو لبس واشتباه، ونحوه ذلك مما يعرض للرواة، وهذا ليس قادحاً فيه ولا في غيره، لأنّ القدح في الراوي لا يكون إلا إذا فحش غلطه، وكثر اضطرابه، أما الوهم مرة بعد مرة فليس مما يستوجب القدح عند أحد من الرجاليين إذ قل أن يسلم منه أحد.