مضت السنون تلو السنون لأجد نفسي مرة أخرى وجهاً لوجه مع الخلاف السني الشيعي.
ففي الجامعة، تعرفتُ على أحد السادة الموسوية أثناء دراستي لإحدى مقررات اللغة الإنجليزية (١)، كان يكبرني نحو عشر سنوات، وقد حرصتُ منذ بداية تعرفي عليه أن لا أفتح معه موضوع الخلاف السني الشيعي لحساسية مثل هذه المواضيع بالنسبة للناس بصورة عامة، لكن زميلاً لنا كان مشاكساً للغاية، لم يعتد أن يترك أحداً من الناس في حاله فاجأنا بسؤال مضحك وجريء في الوقت ذاته يسأل فيه السيد: لماذا أنت شيعي؟!
سؤال عفوي غريب قذفنا به زميلنا فوجدنا أنفسنا بعده مباشرة قد دخلنا في نقاش مذهبي ما كنا نتصور أننا سنخوضه.
فقد استهل (السيد) كلامه بالإشارة إلى كونه قد درس في إيران لعدة سنوات ولهذا فهو ملمٌ بالخلاف السني الشيعي بشكل كبير ولديه الاستعداد لمناقشة أي مسألة.
كنت في الحقيقة أكثر من اهتم بكلامه فقد مسّ شيئاً في نفسي تجاهلته منذ سنوات، أما بقية زملائنا فكانوا إلى العبث والإثارة أكثر منهم إلى الجد والحزم.
ولذلك لما ذكر الموسوي من جملة كلامه (حديث الكساء) طالبته بالمصدر وحملت المسألة محل الجد، ورجعت إلى المصدر الذي عزا إليه وهو "رياض الصالحين" للإمام النووي لأتأكد من صحة الحديث، لأنّ الموضوع بالنسبة لي دين، لا مجال للتهريج أو العبث فيه.
(١) كان ذلك سنة ١٩٩٢م في كلية العلوم بجامعة الكويت.