وأما من لم ينسبه فقد زاد عنه من نسبه، وزيادة الثقة مقبولة. وتفصيل ذلك: اتفق يزيد وسليمان وأسود وشيبان على صعصعة بن معاوية عم الفرزدق، واتفق هؤلاء الأربعة ومعهم يوسف بن محمد وعفان وابن المبارك في قول على كونه عم الفرزدق، ولم يوافق هدبة أحد على كونه عم الأحنف. ولم يوافق ابن المبارك أحد على رواية الشك في كونه جد الفرزدق. وبمجرد النظر فيما قررناه الآن، وعرضه على الأصول؛ يتضح بلا مجال للشك أن المحفوظ عن جرير رواية من قال: صعصعة بن معاوية عم الفرزدق، والحمد لله رب العالمين. ثم نقول بعد ذلك: قد يكون وهم فيه جرير والصواب: صعصعة بن ناجية جد الفرزدق، ولكن ما الداعي لتوهيم الراوي بغير حجة، فإنه لم يأت في خبر قط أن صاحب هذه القصة صعصعة بن ناجية، ثم في ثبوت الصحبة لصعصعة بن ناجية نظر، فالروايات التي جاءت عنه لا تخلو من مقال، فكيف تعل رواية الثقات، ثم إن نسب الفرزدق ونسب ابن ناجية من أين نجزم به، وأعلى ما يذكر فيه رواية الكلبي له، والأنساب تحلف فيها الناس، والذى يطلع على ذلك يجد منه الكثير، فلا مانع أن يكون الصحيح في روايات صعصعة بن ناجية جد الفرزدق أن يقال: صعصعة بن معاوية عم الفرزدق والوهم ممن قال الأول. ولا مانع أن يكون للأحنف عم يسمى صعصعة بن معاوية، ويكون أيضًا للفرزدق عم له نفس الاسم، الأول: تميمي، والثاني: مجاشعي، ومع التنزل يمكن أن يقال: وهم جرير في كونه عم الفرزدق وهو عم الأحنف؛ ولذا تصرف فيه هدبة. ومن قال بهذا من العلماء أقرب إلى الصواب من غيره، ويكون لعم الأحنف صحبة استنادًا لهذا الحديث، والله تعالى أعلم. وللحديث شواهد مرسلة ليست بنفس اللفظ ولكن بما يقاربه منها: =