وهذا الذي قررناه هو الجامع بين الأقوال فيه، ولذا أخرج مسلم للجريري من رواية يزيد بن هارون، وقال ابن الكيال: وقد قيل: إن في يد بن هارون إنما سمع منه بعد التغيير. فذكر ذلك بصيغة التمريض، وقال ابن حبان: اختلط قبل أن يموت بثلاث سنين وقال: وقد رآه يحيى القطان وهو مختلط، ولم يكن اختلاطه فاحشًا. (راجع الكواكب النيرات ص ١٨١ - ١٨٧). وعليه فرواية وزيد بن هارون هنا وإسحق الأزرق عنه الأقرب أنها في بدء حال الاختلاط معه أي عند التغيير القليل، والدليل على ذلك أيضًا ما يأتي من رواية مسدد عنه، والتي تخالف الرواية هنا سندًا ومتنًا، وفيها تخليط وإبهام؛ لأن مسددًا لا شك سمع منه بعد الاختلاط حيث لم يذكر فيمن سمعوا منه قبله، ولم يدرك أيوب السختياني بل هو متأخر جدًا وهو من الصغار بالمقارنة مع في يزيد وإسحق، فإن يزيد بن هارون توفي سنة ٢٠٦ هـ وهو من التاسعة، وإسحق توفي سنة ١٩٥ هـ وهو كذلك من التاسعة وأما مسدد فتوفي سنة ٢٢٨ هـ وهو من العاشرة، وهذا يعني أن مسددًا أدرك الجريري في آخر حياته، ولذا لا يعرف بالرواية عنه؛ لأنه ربما لم يسمع منه إلا أحاديث معدودة، وإن بين وفاة الجريري ووفاة مسدد خمسًا وثمانين سنة وهذا يقوى ما قلناه. ورواية مسدد هذه تأتي فيما في الباب عن رجل من الصحابة. ولأجل ما قلناه صحح الحديث ابن خزيمة، وابن حبان، وقال الحافظ: إسناد قوي (انظر الفتح ٣/ ٤٧) وقال: إسناده حسن، في نتائج الأفكار. ومن المتأخرين قال الساعاتي: سنده جيد (انظر الفتح الرباني ٤/ ٢٢٥) وصحح إسناده الأعظمي في تعليقه على صحيح ابن خزيمة، وقال الألباني: إسناد جيد رجاله ثقات رجال مسلم، غير أن الجريري كان اختلط قليلاً قبل موته بثلاث سنوات (انظر السلسلة الصحيحة رقم ٦٤٦ وقد تصحف فيها شقيق بـ "شفيق" بالفاء وعزاه الشيخ =