للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ليس بصحيحٍ، فأمّا الصحيحُ الذي كلُّه حقٌّ فلا يتناقضُ؛ بل يُصدِّقُ بعضُه بعضًا» (١)، وقالَ أيضاً: «لا يوجدُ في كلامِ أحدٍ مِنْ السَّلفِ أنَّه عارَضَ القرآنَ بعقلٍ ورأيٍ وقياسٍ .. ، ولا قالَ قطُّ: قد تعارَضَ في هذا العقلُ والنَّقلُ. فضلاً عن أن يقولَ: فيجِبُ تقديمُ العقلِ» (٢).

خامسُها: أنَّهُما سبيلُ معرفةِ الحَقِّ وإصابَتِه، فهُما مَرَدُّ كُلِّ دليلٍ صحيحٍ مُعتَبَرٍ؛ نقلاً كانَ أو عقلاً، وكُلُّ دليلٍ خارجٍ عن هذَيْن الأصلَيْن أو أحدِهِما = فباطِلٌ مردودٌ، خارجٌ مِنْ أدِلَّةِ الشَّرعِ، قالَ ابنُ سعدي (ت: ١٣٧٦): «ما خرجَ عن هذَيْن الأمرَيْن -الكتابِ والميزانِ- ممَّا قيلَ إنَّه حجَّةٌ أو برهانٌ أو دليلٌ أو نحو ذلك مِنْ العباراتِ = فإنَّه باطلٌ متناقضٌ، قد فسدت أصولُه، وانهدمَت مبانِيهِ وفروعُه، يعرفُ ذلك من خبرَ المسائلَ ومآخذَها، وعرفَ التَّمييزَ بين راجحِ الأدلَّةِ مِنْ مرجوحِها، والفرقَ بين الحُجَجِ والشُّبَه» (٣).

وقد امتَدَّ أثرُ تلك الخصائِصِ إلى منهجِ الاستدلالِ بهذَيْن الأصلَيْن على المعاني عند ابنِ جريرٍ (ت: ٣١٠)؛ كما سيتبَيَّنُ في البابِ الثاني بإذنِ الله.


(١) جامعُ المسائل، لابن تيمية، المجموعة الثانية، تحقيق: محمد عُزَيْر شمس (ص: ٢٧٢).
(٢) مجموع الفتاوى ١٣/ ٢٩. وينظر أيضاً: ١٩/ ٢٨٨.
(٣) تيسير الكريم الرحمن ٢/ ٦٠٦. وينظر: مجموع الفتاوى ١٣/ ٦٨.

<<  <   >  >>