للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والإجابةُ عن هذا السُّؤالِ مِنْ أهَمِّ مقاصِدِ هذا البحثِ، وجميعُ أبوابِ الأدلَّةِ التَّفصيليَّةِ -فيما يأتي- تَكشِفُ عن شيءٍ مِنْ هذا الجوابِ؛ لكنَّ الحديثَ هنا عمَّا اشتركَتْ فيه تلك الأدلَّةُ مِنْ الأوصافِ التي يقعُ بها اعتبارُ الدَّليلِ، والاحتجاجُ به.

وبالتَّأمُّلِ في مواضِعِ الأدلَّةِ مِنْ هذا التَّفسيرِ نجِدُ أنَّ ابنَ جريرٍ (ت: ٣١٠) أقامَ تفسيرَه على اعتِمادِ كُلِّ دليلٍ نقليٍّ أو عقليٍّ اجتمَعَت فيه ثلاثةُ أوصافٍ:

الأوَّلُ: صِحَّةُ الدَّليلِ في نَفسِه؛ وذلك باجتماعِ شرطين:

أوَّلُهُما: صِحَّةُ كونِه دليلاً، وذلك بدلالَةُ الشَّرعِ على حُجِّيَّتِه.

وثانيهما: الاستدلالُ به على الوجهِ العِلميِّ الصَّحيحِ الذي يُقبَلُ به الاستدلالُ.

فمتى اجتَمَعَ هذان الشرطانِ في دليلٍ صَحَّ الاستدلالُ به على معاني كلام الله تعالى (١).

وقد اجتمعا على التَّمامِ في كُلِّ ما ذَكرَه ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) في تفسيرِه دليلاً على معنى، ونَصَّ على المُطالَبَةِ بهما في مثلِ قولِه: «فمن ادَّعى في التَّنزيلِ ما ليس في ظاهِرِه، كُلِّفَ البُرهانَ على دعواهُ مِنْ الوَجهِ الذي يَجِبُ التَّسليمُ له» (٢)، وقالَ: «فإذْ كانَ لا قولَ في تأويلِ


(١) قالَ ابنُ تيمية (ت: ٧٢٨): «حصولُ المقصودِ بالأدلَّةِ تابعٌ لصِحَّةِ الأدلَّةِ في نفسِها». تنبيه الرجل العاقل ٢/ ٤٥١. وسيأتي تفصيلُ هذين الشَّرطين في مواضِعِه من الأدِلَّةِ التفصيليَّةِ بإذن الله.
(٢) جامع البيان ٨/ ٧٢١.

<<  <   >  >>