للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بأنَّ الآيةَ مُرادٌ بها بعضُ الفديَةِ دون بعضٍ مِنْ أصلٍ أو قياسٍ، فهي على ظاهِرِها وعمومِها» (١).

وقد بَيَّنَ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) الحاجَةَ التي قد يضطرُّ معها المُفسِّرُ إلى الأخذِ بغيرِ الظَّاهرِ، فقالَ عند قولِه تعالى ﴿فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ﴾ [آل عمران: ٣٩]: «وأمَّا الصَّوابُ مِنْ القَولِ في تأويلِه فأن يُقالَ: إنَّ اللهَ جَلَّ ثناؤه أخبَرَ أنَّ الملائِكَةَ نادتهُ، والظَّاهِرُ مِنْ ذلك أنَّها جماعَةٌ مِنْ الملائِكَةِ دونَ الواحِد، وجبريلُ واحِدٌ، فلن يجوزَ أن يُحمَلَ تأويلُ القرآنِ إلا على الأظهرِ الأكثرِ مِنْ الكلامِ المُستَعمَلِ في ألسُنِ العرَبِ دون الأقلِّ، ما وُجِدَ إلى ذلك سبيلٌ، ولم تَضطَرَّنا حاجَةٌ إلى صرفِ ذلك إلى أنَّه بمعنى واحِدٍ، فيُحتاجَ له إلى طَلَبِ المَخرَجِ بالخَفيِّ مِنْ الكلامِ والمعاني» (٢)، وقالَ عن بعضِ المعاني: «ولا ضرورَةَ بالكلامِ إلى ذلك؛ فيُوَجَّهَ إلى ما ليسَ بموجودٍ في ظاهِرِه» (٣)، ومِن خلالِ ذلك يُمكن تحديدُ الحاجَةِ -التي يُطلَبُ لها الخَفيُّ مِنْ الكلامِ وبالحُجَّةِ الدَّالَّةِ- بأنَّها:

ما لا يُمكِنُ معه إقامَةُ الكلامِ على الصِّحَّةِ شرعاً أو عقلاً. وتقديرُ تلك الحاجَةِ ليس متروكاً إلى هوى النَّفسِ، أو الرَّأيِ المُجَرَّدِ، وإنما هو مشروطٌ بدلالَةِ: الحُجَّةِ (الثَّابتَةِ)، والتي: (يجِبُ التَّسليمُ لها)، كما عبَّرَ


(١) جامع البيان ٤/ ١٥٧. وينظر: ٨/ ٦٢٣.
(٢) جامع البيان ٥/ ٣٦٥.
(٣) جامع البيان ٩/ ١٧٣. وينظر: ١٥/ ٢٣٢، ٢٠/ ٥٢٦.

<<  <   >  >>