للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على ما احتمَلَهُ ظاهِرُ التَّنزيلِ، ما لم يُبّيِّنِ اللهُ تعالى ذِكرُه لعبادِه أنَّ مُرادَهُ مِنه الخُصوصُ؛ إمَّا بتنزيلٍ في كتابِه، أو على لسانِ رسولِه ، فإذا خَصَّ مِنه البعضَ، كانَ الذي خَصَّ مِنْ ذلك غيرَ داخلٍ في الجُملَةِ التي أوجَبَ الحُكمَ بها، وكانَ سائِرُها على عُمومِها، كما قد بيَّنَّا في كتابِنا (كتابِ لطيفِ القولِ مِنْ البيانِ عن أصولِ الأحكامِ) (١)، وغيرِه مِنْ كُتُبِنا» (٢).

وقد وقفتُ له في معنى هذه العِبارَةِ وتطبيقاتِها على قرابَةِ (٣٠٥) مواضِع؛ مِنها قولُه: «وغيرُ جائِزٍ ادِّعاءُ خصوصٍ في آيةٍ عامٍّ ظاهِرُها إلا بِحُجَّةٍ يجبُ التَّسليمُ لها» (٣)، وقولُه: «فالواجِبُ فيه مِنْ القولِ ما قُلنا؛ مِنْ أنَّه: لا يجوزُ أن يُخَصَّ مِنْ معاني ذلك شيءٌ، وأن يُحكَمَ له بعُمومِه على ما عَمَّهُ اللهُ» (٤)، وذَكَرَ أنَّ العُمومَ مُرادٌ لله تعالى حيثُ لا تخصيصَ، فقالَ: «وإذْ كانَ ذلك كذلك، ولم يكن اللهُ تعالى ذِكرُه دَلَّ على أنَّ مُرادَه مِنْ ذلك معنىً دون معنىً في عقلٍ ولا خَبَرٍ = كانَ معلوماً أنَّ معنى مُرادِه مِنْ ذلك العُمومُ» (٥)، ونقلَ الإجماعَ على مذهبِه في ذلك، فقالَ: «وهذه الأقوالُ التي ذكرناها عمَّن ذكرناها عنه مِنْ الصَّحابَةِ، والتّابعين، والخالِفينَ بعدهم؛ مِنْ قولِهم: إنَّ بني إسرائيلَ لو


(١) سبق التعريفُ به (ص: ٣٣).
(٢) جامع البيان ٤/ ١٠٣.
(٣) جامع البيان ٢/ ٤٦٤.
(٤) جامع البيان ٣/ ٥٤٧.
(٥) جامع البيان ١٧/ ١٠. وينظر: ١/ ٣٢٩، ٢/ ١٠٠، ٤/ ١٠٣، ٧/ ١٧٦، ٥١٩، ٨/ ٦٢٣، ١٧/ ٤٣٥.

<<  <   >  >>