للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ظاهرُ التَّنزيلِ، إلا أن يأتيَ في بعضِ ذلك خبرٌ عن الرسولِ بإحالَةِ حُكمِ ظاهرِه إلى باطِنِه، فيجبَ التَّسليمُ حينئذٍ لحُكمِ الرسولِ ؛ إذْ كانَ هو المُبيِّنَ عن مُرادِ الله تعالى ذِكرُه» (١). ومِن أمثلَته قولُه: «وأَوْلى القولَيْن في ذلك بتأويلِ الآيةِ قولُ مَنْ قالَ: عنى بذلك المقتولَ مِنْ أهلِ العهدِ؛ لأنَّ الله أبهَمَ ذلك، فقالَ ﴿وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ﴾ [النساء: ٩٢] ولم يقُل: وهو مؤمنٌ. كما قالَ في القَتيلِ مِنْ المؤمنين وأهلِ الحربِ، إذْ عَنى المؤمنين: ﴿وَهُوَ مُؤْمِنٌ﴾ [النساء: ٩٢]. فكانَ في تركِه وصفَه بالإيمانِ الذي وَصَفَ به القَتيلَيْن الماضي ذكرُهُما قبلُ = الدَّليلُ الواضِحُ على صِحَّةِ ما قُلنا في ذلك» (٢)، وقولُه مُعَلِّلاً لبعضِ اختيارِه: «لأنَّ ذلك ليس بالمعروفِ مِنْ معانيه إذا أُطلِقَ بغيرِ وَصْلٍ» (٣).

خامساً: النَّاسِخُ والمنسوخُ:

النَّسخُ هو: رفعُ الحُكمِ الشِّرعيِّ بخطابٍ متراخٍ عنه (٤). قالَ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠): «أصلُ النَّسخِ مِنْ نَسخِ أصلِ الكتابِ، وهو: نقلُه مِنْ نُسخَةٍ إلى أُخرى غيرِها. فكذلك معنى نَسخِ الحُكمِ إلى غيرِه، إنَّما هو: تحويلُه ونقلُ عبادِهِ عنه إلى غيرِه» (٥)، وقالَ: «النَّاسِخُ والمنسوخُ هما


(١) جامع البيان ٣/ ٤٠٦.
(٢) جامع البيان ٧/ ٣٢١.
(٣) جامع البيان ٢٢/ ٤١٥. وينظر: ٦/ ٦٠١، ٨/ ٦٥٤، ١٠/ ١٣٥، ١٢/ ٢٦٠، ١٣/ ٢٨٥، ٢٠/ ٥٨٣.
(٤) ينظر: الفقيه والمتفقه ١/ ٢٤٥، والموافقات ٣/ ٣٤١، ومختصر ابن اللحام (ص: ١٣٦).
(٥) جامع البيان ٢/ ٣٨٨.

<<  <   >  >>