للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جميعَ أهلِ التأويلِ الذين رُوِيَ لنا عنهم في ذلك قولٌ، لمْ يُحكَ لنا عن أحدٍ مِنهم تفصيلٌ بين فَتحِ ذلك وضَمِّه، ولو كانا مُختَلِفَي المعنى لنُقِلَ الفَصلُ مع التأويلِ إن شاءَ الله» (١).

كما يتفَنَّنُ في سَردِ الأقوالِ وتقسيمِها؛ فيُمَيِّزُ أقوالَ أهلِ التأويلِ -وهُم الحُجَّةُ فيه مِنْ الصَّحابةِ والتّابعين وأتباعِهم (٢) - عن غيرِهم، ويُرَتِّبُ الأدلَّةَ بحَسبِ الأقوالِ، كما في قولِه: «اختلَفَت تراجِمَةُ القرآنِ في تأويلِ قولِ الله تعالى ذِكرُه ﴿الم﴾ [البقرة: ١]» (٣)، ثُمَّ ذكرَ عَشرَةَ أقوالٍ، ومَنْ قالَ بها مِنْ أهلِ التأويلِ، ثُمَّ قالَ: «وأمَّا أهلُ العربيةِ فإنَّهم اختَلَفوا في معنى ذلك» (٤)، وذكَرَ لهُم ثلاثَةَ أقوالٍ، ثُمَّ شَرَعَ في التوجيهِ والاستدلالِ لجميعِ تلك الأقوالِ مُرَتَّبةً بعد إجمالِ بعضِها مع بعضٍ، وأبطلَ مِنها ما خالفَ الدَّليلَ (٥)، ومِن ذلك أيضاً قولُه: «فإنْ قالَ لنا قائِلٌ: أوَ ما كانَ الحرمُ آمناً إلا بعدما سألَ إبراهيمُ ربَّه له الأمان؟ قيلَ: قد اختُلِفَ في ذلك»، ثُمَّ ذكر القولَ الأوَّلَ ودليلَه وتوجيهَه، ثُمَّ القولَ الثاني ودليلَه وتوجيهَه، ثُمَّ عَقَّبَ باختيارِه بدليلِه (٦).

وبعدَ حصرِه لأقوالِ أهلِ التأويلِ يحصُرُ المعاني في تلك الأقوالِ؛ تمهيداً للاستدلالِ لها، فيقولُ: «فأمّا مِنْ جِهَةِ النَّظرِ فإن جميعَ من


(١) جامع البيان ١٥/ ٣٨٦.
(٢) ينظر: جامع البيان ١/ ٥٩٠.
(٣) جامع البيان ١/ ٢٠٤ - ٢١٠.
(٤) جامع البيان ١/ ٢١٠ - ٢١٣.
(٥) جامع البيان ١/ ٢١٣ - ٢٢٨.
(٦) ينظر: جامع البيان ٢/ ٥٣٨ - ٥٤٢. وينظر: ٤/ ٥٤٤، ٥٢٨، ١٠/ ٨٢.

<<  <   >  >>