للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ينتحِلُ الإسلامَ إنَّما اختلفوا في معنى ذلك على أوجُهٍ ثلاثَةٍ» (١)، ويقولُ: «وليس يخلو هذا القولُ مِنْ أحدِ أمرَيْن» (٢).

ومِن آثارِ حَصْرِ ابنِ جريرٍ (ت: ٣١٠) للأقوالِ وتمييزِها: النَّصُّ على انحصارِ معنى الآيةِ في تلك الأقوالِ، كما في قولِه: «والدَّليلُ على صِحَّةِ ما قُلنا في ذلك: قيامُ الحُجَّةِ بأنْ لا قولَ في معنى هذه الآيةِ إلَّا أحَدُ الأقوالِ الثلاثَةِ التي ذكرناها» (٣)، وقولِه: «فلمَّا كانَ السِّرُّ إنَّما يوَجَّهُ في كلامِها إلى أحدِ هذه الأوجُهِ الثلاثَةِ، وكانَ معلوماً أنَّ أحدَهُنَّ غيرُ معنيٍّ به قولُه ﴿وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾ [البقرة: ٢٣٥] وهو السِّرُّ الذي هو معنى: الخِيارِ والشَّرَفِ. فلم يبقَ إلا الوَجهانِ الآخرانِ؛ وهو السِّرُّ الذي بمعنى: ما أخفَتْهُ نفسُ المُواعِدِين. والسِّرُّ الذي بمعنى: الغِشيانِ والجِماعِ. فلمَّا لم يبقَ غيرُهُما؛ وكانَت الدلالَةُ واضِحةً على أنَّ أحدَهما غيرُ معنيٍّ به، صَحَّ أنَّ الآخرَ هو المعنيُّ به» (٤).

ولذلك أثرُهُ الظَّاهِرُ في الاكتفاءِ بإبطالِ أحدِ القولَينِ عن الاستدلالِ على صِحَّةِ الآخرِ؛ لأنَّه لا معنى للآيةِ غيرُهما، كما في قولِه: «وفي فَسادِ هذا القولِ بالذي ذكرنا، أبيَنُ الدَّلالَةِ على صِحَّةِ القولِ الآخرِ؛ إذْ لا قولَ في ذلك لأهلِ التأويلِ غيرُهما» (٥)، وقولِه: «فإذْ كانَ لا قولَ في تأويلِ ذلك إلَّا أحدُ القولَيْن اللذَيْن وصفتُ، ثُمَّ كانَ أحدُهما غيرَ


(١) جامع البيان ١٥/ ٥١.
(٢) جامع البيان ١/ ١٦٧. وينظر: ٥/ ٦٢، ٦/ ٧٠٦.
(٣) جامع البيان ٢/ ٤٤٤.
(٤) جامع البيان ٤/ ٢٧٩. وينظر: ٧/ ٢٨٦، ٩/ ٣٤٥، ٢٣/ ٣١٦، ٢٤/ ٤١٩.
(٥) جامع البيان ٤/ ٤٦٦.

<<  <   >  >>