للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بذلك على أنَّ معنى قولِه ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى﴾ [البقرة: ١٦] معنى الشِّراءِ الذي يتعارَفُه النَّاسُ؛ مِنْ استِبدالِ شيءٍ مكانَ شيءٍ، وأخذِ عِوَضٍ على عِوَضٍ» (١)، وكذلك استدلالُه عندَ قولِه تعالى ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى﴾ [البقرة: ٣٨] لقولٍ لأبي العاليةِ (ت: ٩٣) بنَظيرِه مِنْ القرآنِ، وببعضِ وجوهِ القراءاتِ، وبكلامِ العربِ؛ ثُمَّ قالَ: «وقولُ أبي العاليَةِ في ذلك-وإن كانَ وجهاً مِنْ التَّأويلِ تحتَمِلُه الآيةُ- فأقرَبُ إلى الصَّوابِ مِنهُ عندي، وأشبَهُ بظاهِرِ التِّلاوَةِ أن يكونَ تأويلُها .. » (٢)، ثُمَّ ذكرَ اختيارَه، واستدلالَه له.

رابعاً: يُورِدُ أدِلَّةً للأقوالِ لم يذكُرْها أصحابُها، وهذا فرعٌ عن منهجِهِ في الاستيعابِ، ومِن ذلك قولُه: «وكانَ بعضُ أهلِ المعرِفةِ بكلامِ العرَبِ مِنْ أهل البَصرَةِ (٣) يقولُ: معنى ﴿فَجَاسُوا﴾ [الإسراء: ٥]: قَتَلوا. ويُسْتَشْهَدُ لقَوْلِه ذلك ببيتِ حسَّان (٤):

ومِنَّا الذي لاقى بسَيفِ مُحَمَّدٍ … فجاسَ به الأعداءَ عُرضَ العَساكِرِ» (٥).

وقولُه: «وكأنَّ يحيى وابنَ عباسٍ وَجَّها تأويلَ الكلامِ إلى أنَّ


(١) جامع البيان ١/ ٣٢٦ - ٣٢٨.
(٢) جامع البيان ١/ ٥٨٩ - ٥٩٠. وينظر: ١/ ٢٠٤ - ٢٢٨، ٣/ ٣٥٩ - ٣٧٤.
(٣) هو أبو عبيدةَ معمَرُ بن المُثنَّى (ت: ٢١٠)، في كتابِه مجاز القرآن ١/ ٣٧٠. والبَيْتُ ليسَ فيه، وإنَّما هو من استِشهادِ ابنِ جرير له. ويُنظَرُ: الجامع لأحكامِ القرآن ١٣/ ٢٢.
(٤) لم أجِده في ديوانِ حسّان المطبوع، وأخرجه الطَّستي في مسائِلِ نافع ابن الأزرقِ، عن ابنِ عباس ، كما في الدر المنثور ٢/ ٣٢٦، وينظر: البسيط، للواحدي ١٣/ ٢٥٨، والجامع لأحكام القرآن ١٣/ ٢٢.
(٥) جامع البيان ١٤/ ٤٧٠.

<<  <   >  >>