للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد يُخالفُ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) ذلك التَّرتيبَ لغرَضٍ؛ كتأخيرِه المعنى اللغويَّ بعدَ ذكرِ الأقوالِ في الآيةِ؛ ليكونَ أصلاً لِرَدِّ ما خرَجَ عنه مِنْ الأقوالِ، وسبيلاً للتأليفِ والجمعِ بينها، لكنَّه يُتبِعُ ذلك بأدلَّةِ الشَّرعِ والنَّظرِ؛ سواءً لإبطالِ بعضِ الأقوالِ، أو لترجيحِ المعنى المُختارِ، كما في تفسيرِه (الهَجرَ) مِنْ قولِه تعالى ﴿وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ﴾ [النساء: ٣٤]، حيثُ بدأ بذكرِ اختلافِ أهلِ التَّأويلِ، ثُمَّ قالَ: «ولا معنى للهجرِ في كلامِ العربِ إلا على أحدِ ثلاثةِ أَوْجُهٍ» (١)، ثُمَّ ذكرَها بشواهِدِها، وأبطَلَ مِنها اثنان، واختارَ الثّالثَ، واستدَلَّ له بقولِ النَّبي ، وأقوالِ السَّلفِ (٢).

سابعاً: يكتفي أحياناً بذكرِ بعضِ الأدلَّةِ، ويُحيلُ في مواضِعَ على ما سبقَ بيانُه مِنها، أو ما سيأتي؛ قَصْداً للاختصارِ، ومنعاً للإطالَةِ والتكرارِ، وهذا مِنْ منهجِه الذي نَصَّ عليه في أوَّلِ تفسيرِه بقولِه: «بأوجَزِ ما أمكَنَ مِنْ الإيجازِ في ذلك، وأخصَرِ ما أمكنَ مِنْ الاختصارِ فيه» (٣)، ومِنه قولُه بعد ذِكرِ عددٍ مِنْ الأدلَّةِ: «مع عِلَلٍ كثيرَةٍ يطولُ بذِكرِها الكتابُ، وفيما ذكرنا كِفايَةٌ لمَن وُفِّقَ لِفَهمِه» (٤)، ومِثلُهُ قولُه: «في نظائِرَ لذلك كثيرَةٍ كَرِهنا إطالَةَ الكِتابِ بذِكرِها» (٥)، وقالَ: «وقد


(١) جامع البيان ٦/ ٧٠٥.
(٢) جامع البيان ٦/ ٦٩٩ - ٧٠٩. وينظر: ١٣/ ٣٤١، ١٤/ ٢٩٥، ٥٠٧ - ٥١٠، ١٦/ ٢٦٤، ١٧/ ٦١٩.
(٣) جامع البيان ١/ ٧.
(٤) جامع البيان ٩/ ٦٥١.
(٥) جامع البيان ١/ ٣٤٤.

<<  <   >  >>