للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قولُه عند قولِه تعالى ﴿إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ﴾ [النساء: ١٧]: «وقد زَعَمَ بعضُ أهلِ العربيَّةِ (١) أنَّ معناه أنَّهم جَهِلوا كُنهَ ما فيه مِنْ العِقابِ، فلم يعلَموه كعِلمِ العالِمِ، وإنْ علِموه ذَنباً؛ فلذلك قيلَ ﴿يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ﴾ [النساء: ١٧]. ولو كانَ الأمرُ على ما قالَ صاحِبُ هذا القَولِ لوَجَبَ ألَّا تكونَ توبَةٌ لِمن عَلِمَ كُنْهَ ما فيه؛ وذلك أنَّه جلَّ ثناؤُه قالَ ﴿إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ﴾ [النساء: ١٧] دونَ غيرِهِم .. ، وذلك خلافُ قولِ الله ﷿ ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا﴾ [الفرقان: ٧٠]» (٢)، وقولُه: «وفي قولِ الله جلَّ ثناؤُه ﴿حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ﴾ [يونس: ٢٢] وإضافَتِه الجَرْيَ إلى الفُلكِ، وإن كانَ جَريُها بإجراءِ غيرِها إياها = ما يدُلُّ على خطأِ التَّأويلِ الذي تأوَّلَه مَنْ وَصَفنا قولَه في قولِه ﴿وَلَا الضَّالِّينَ﴾ [الفاتحة: ٧]، وادِّعائِه أنَّ في نِسبَةِ الله جلَّ ثناؤه الضَّلالَةَ إلى مَنْ نَسَبَها إليه مِنْ النَّصارى = تصحيحاً لِما ادَّعى المُنكرون: أنَّ لله في أفعالِ خلقِه سبَباً مِنْ أجلِه وُجِدَت أفعالُهُم، مع إبانَةِ الله جلَّ ثناؤه نَصّاً في آيٍ كثيرَةٍ مِنْ تنزيلِه أنَّه المُضِلُّ الهادي» (٣)، وقولُه: «وقد قيلَ إنَّ معنى قولِه ﴿وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ﴾ [الأنفال: ١٩]: وإن تعودوا للاستفتاحِ نَعُدْ لِفَتحِ محمدٍ . وهذا القولُ لا معنى له؛ لأنَّ اللهَ تعالى ذِكرُه قد كانَ ضَمن لنبيِّه حينَ أذِنَ له في حربِ أعداءِه = إظهارَ دينِه، وإعلاءَ كلِمَتِه مِنْ قبلِ أن يستَفتِحَ أبو جهلٍ وحِزبُه، فلا وجهَ لأن


(١) هو الفرَّاءُ في معاني القرآن ١/ ٢٥٩.
(٢) جامع البيان ٦/ ٥١١.
(٣) جامع البيان ١/ ١٩٨.

<<  <   >  >>