للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«وأولى الأقوالِ بالصَّوابِ في تأويلِ ذلك قولُ من قالَ: معناه: ولآمُرَنَّهم فَلَيُغيِّرُنَّ دينَ الله؛ وذلك لدلالةِ الآيةِ الأُخرى على أنَّ ذلك معناه، وهي قولُه ﴿فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ﴾ [الروم: ٣٠]» (١)، وقالَ في قولِه تعالى ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (١) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (٢) وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا﴾ [الفتح: ١ - ٣]: «وإنَّما اخترنا هذا القولَ في تأويلِ هذه الآيةِ؛ لدلالَةِ قولِ الله ﷿ ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (٢) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا﴾ [النصر: ١ - ٣] على صِحَّتِه؛ إذْ أمرَه اللهُ تعالى ذِكرُه أن يُسَبِّحَ بحمدِ رَبِّه إذا جاءَه نصرُ اللهِ وفتحُ مكَّةَ، وأن يستغْفِرَه، وأعلَمَه أنَّه توَّابٌ على من فعلَ ذلك، ففي ذلك بيانٌ واضِحٌ أنَّ قولَه تعالى ذِكرُه ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ﴾ [الفتح: ٢] إنَّما هو خبرٌ مِنْ اللهِ جلَّ ثناؤُه نبيَّه عن جزاءِه له على شُكرِه له على النِّعمةِ التي أنعَمَ بها عليه، مِنْ إظهارِه له ما فتَحَ؛ لأنَّ جزاءَ الله تعالى عبادَه على أعمالِهم دونَ غيرِها» (٢)، وقالَ في قولِه تعالى ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ﴾ [الدخان: ٣]: «والصَّوابُ مِنْ القولِ في ذلك قولُ من قالَ: عُنِيَ بها ليلةُ القَدرِ. لأنَّ اللهَ أخبرَ تعالى ذِكرُه أنَّ ذلك كذلك بقولِه ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ [القدْر: ١]» (٣).

النَّوعُ الثَّاني: استدلالُه بالقرآنِ لرَدِّ المعاني وإبطالِها، ومِن أمثلَتِه


(١) جامع البيان ٧/ ٥٠٢.
(٢) جامع البيان ٢١/ ٢٣٦.
(٣) جامع البيان ٢١/ ٦. وينظر: ٢٣/ ٣٨٠، ٤٦٨، ٢٤/ ٢٦، ٨٤.

<<  <   >  >>