للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٦ - أنَّ خيرَ من يفسِّر القرآنَ من تكلَّم به؛ وهو الله سبحانَه؛ إذْ لا أحدَ أعلَمُ مِنْ الله جلَّ وعلا بمعاني كلامِه،، قالَ الزَّمخشري (ت: ٥٣٨): «وأسَدُّ المعاني ما دَلَّ عليه القرآنُ» (١)، وقالَ ابنُ تيمية (ت: ٧٢٨): «فإن قالَ قائِلٌ: فما أحسَنُ طُرُقِ التَّفسير؟ فالجوابُ: إنَّ أصَحَّ الطُّرقِ في ذلك أن يُفَسَّرَ القرآنُ بالقُرآنِ؛ فما أجمِلَ في مكان فإنَّه قد فُسِّرَ في موضِعٍ آخرَ، وما اختُصِرَ في مكانٍ فقد بُسِطَ في موضِعٍ آخرَ» (٢)، وقالَ ابنُ القيِّم (ت: ٧٥١): «وتفسيرُ القرآنِ بالقرآنِ مِنْ أبلَغِ التَّفاسير» (٣).

٧ - أنَّ القرآنَ يُصَدِّقُ بعضُه بعضاً، ومعاني آياتِه كالمعنى الواحِدِ؛ في صِدقِها وائتِلافِها وتوافُقِها، فلا تعارُضَ ولا تخالُفَ، وذلك مِنْ معنى التَّشابُه العامِّ الذي وصفَ الله به كتابَه فقالَ ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ﴾ [الزُّمَر: ٢٣] (٤)، قالَ ابنُ هشام (٥) (ت: ٧٦١) في تعليلِ بعضِ المعاني: «وإنَّما صَحَّ ذلك لأنَّ القرآنَ كُلَّه كالسُّورَةِ الواحِدةِ؛ ولهذا يَذكرُ الشيءَ في سورَةٍ، وجوابَه في سورةٍ أُخرى، نحو ﴿وَقَالُوا يَاأَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ﴾ [الحِجر: ٦]، وجوابُه: ﴿مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ﴾ [القلم: ٢]» (٦)، وأورَدَ الشَّاطبي (ت: ٧٩٠): «هل للقرآنِ مأخذٌ


(١) الكشَّاف ٣/ ٤٥٨.
(٢) مجموع الفتاوى ١٣/ ٣٦٣.
(٣) التبيان في أيمان القرآن (ص: ٢٧٨).
(٤) ينظر: جامع البيان ٢٠/ ١٩٠ - ١٩١.
(٥) عبد الله بن يوسف بن هشام الأنصاري المصري، جمال الدين أبو محمد، الإمام النَّحوي، صنَّف: أوضح المسالك، ومغني اللبيب، وتوفي سنة (٧٦١). ينظر: الدرر الكامنة ٣/ ٩٣، وشذرات الذهب ٦/ ١٩١.
(٦) مغني اللبيب ١/ ٤٨٢. ونسَبَ هذه العبارَةَ لأبي عليّ الفارسي (ت: ٣٧٧) في ١/ ٤٨٤، والذي في الحُجَّة لأبي عليّ: «إنَّ مجازَ القرآنِ مجازَ الكلامِ الواحِدِ، والسورةِ الواحِدةِ» ٦/ ٣٤٣.

<<  <   >  >>