للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأخبارِ لِمَا قد بيَّنَّا في كتابِنا: (كتابِ لطيفِ البيانِ عن أُصولِ الأحكامِ)، وغيرِه = عُلِمَ أنَّ معنى قولِه ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ﴾ [الأنعام: ١٠٣] غيرُ معنى قولِه ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٢ - ٢٣]، فإنَّ أهلَ الجنَّةِ ينظرون بأبصارِهم يومَ القيامةِ إلى الله، ولا يُدرِكونَه بها؛ تصديقاً لله في كلا الخبرَيْن، وتسليماً لِمَا جاءَ به تنزيلُه، على ما جاءَ به في السّورتَيْن» (١).

٢ - عدمُ المُطابَقَةِ بين الدَّليلِ ومَوْضِعِ الاستدلالِ، وسببُ ذلك الاستعجالُ في الاستدلالِ، مع عدمِ التَّنبُّهِ لأنواعِ الدَّلالاتِ الأُخرى، وممَّا قالَه ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) في ذلك: «وقد قيلَ (٢): معنى قولِه ﴿لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ﴾ [الأنعام: ٥٨]: الذَّبحُ للموتِ» (٣)، ثُمَّ أسندَ ذلك عن ابن جُرَيْج (ت: ١٥٠)، وقالَ: «وأحسَبُ أنَّ قائِلَ هذا النَّوعِ نزَعَ لقولِه ﴿وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ﴾ [مريم: ٣٩]، فإنَّه رُويَ عن النَّبي في ذلك قِصَّةٌ تدُلُّ على معنى ما قالَه هذا القائِلُ في قضاءِ الأمرِ (٤). وليس قولُه مِنْ ذلك في شيءٍ، وإنَّما هذا أمرٌ مِنْ الله تعالى ذِكرُه نبيَّه محمداً أن يقولَ لمَن استعجَلَه فصْلَ القضاءِ بينَه وبَيْنهم مِنْ


(١) جامع البيان ٩/ ٤٦١.
(٢) يومئُ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) بهذا التعبيرِ إلى غرابةٍ في القولِ، أو ضعفٍ فيه، ومثلُه قولُه: (وكانَ .. يقولُ) بعد حكايةِ الأقوالِ، كما في ١/ ٦١، ١٥/ ٢٢٨، ٢٥٣، ١٧/ ٥٥١، ١٨/ ٤٢٣، ٢٤/ ٢٧٨.
(٣) جامع البيان ٩/ ٢٨١.
(٤) يشيرُ إلى حديثِ ذبحِ الموتِ بينَ الجنَّةِ والنَّارِ، والذي أخرجه البخاريُّ ٦/ ٩٣ (٤٧٣٠)، ومسلم ٦/ ٣١١ (٢٨٤٩) في صحيحيهما.

<<  <   >  >>