للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما رويَ عن أبيِّ بن كعبٍ وابنِ عباسٍ مِنْ قراءَتِهِما: (فما استمتعتُمْ به مِنهُنَّ إلى أجلٍ مُسمَّى) [النساء: ٢٤] = فقراءَةٌ بخلافِ ما جاءَتْ به مصاحِفُ المسلمين» (١)، وبيَّن حُجَّتَه في رَدِّ ذلك الاستدلالِ بقولِه: «وأَوْلى التأويلَيْن في ذلك بالصَّوابِ تأويلُ مَنْ تأوَّلَه: فما نكحتموه مِنهُنَّ فجامعتموه، فآتوهُنَّ أجورَهُنَّ. لقيامِ الحُجَّةِ بتحريمِ اللهِ مُتعةَ النِّساءِ على غيرِ وجهِ النِّكاحِ الصَّحيحِ أو المُلكِ الصَّحيحِ، على لسانِ رسولِه ). (٢)

ويؤكِّدُ ذلك أنَّه ربَّما قدَّمَ معنى الشَّاذَّةِ على الصَّحيحةِ كما في قولِه عند قولِه تعالى ﴿وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ﴾ [النساء: ١٢]: «يعني أخاً أو أختاً مِنْ أُمِّه» (٣)، وقد أَخذَ هذا التَّخصيصَ مِنْ قراءَةِ سعدِ بن أبي وقَّاص التي استدلَّ بها لهذا المعنى، وهي: (ولَه أخٌ أو أختٌ مِنْ أُمِّه) [النساء: ١٢] (٤)، وهي قراءةٌ شاذَّةٌ تُخالِفُ رسمَ المُصحف، وتُخصِّصُ عمومَ قراءةِ الجمهورِ، وتُقدَّمُ عليها في المعنى. ومثلُه تقديمُه لمعنى قراءةِ ابنِ مسعودٍ : (سلامٌ على إِدْراسينَ) [الصافات: ١٣٠]، وأنَّ المُرادَ بقراءةِ الجمهورِ: ﴿سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ﴾ [الصافات: ١٣٠]: إلْياسَ نفسُه -وهو إدريسُ عندَ ابنِ مسعودٍ ، وليسَ آلُه كما في قراءةِ عامَّةِ أهلِ المدينةِ (٥)، حيثُ قالَ: «فلا وجهَ على


(١) جامع البيان ٦/ ٥٨٩.
(٢) جامع البيان ٦/ ٥٨٨. وينظر: ٢/ ٣٩٠، ٥١٦، ٤/ ٥٧١.
(٣) جامع البيان ٦/ ٤٨٣.
(٤) المرجع السابق. وسبقَ تخريجُ القراءةِ (ص: ١٩٧).
(٥) كما بيَّن ذلك في ١٩/ ٦٢٠، وهي قراءةُ نافعٍ (ت: ١٦٩) وابنِ عامرٍ (ت: ١١٨). ينظر: السبعة (ص: ٥٤٩).

<<  <   >  >>