للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومِن عِبارَةِ ابن جريرٍ (ت: ٣١٠) في بيانِ (التَّواترِ والآحادِ) قولُه: «ولا خبرَ بذلك عن رسولِ الله تثبُتُ حُجَّتُه مِنْ جِهةِ النَّقلِ المُستَفيضِ، ولا مِنْ جِهةِ نقلِ الواحِدِ العدْلِ» (١)، وقولُه: «والخَبَرُ عمّا قد مضى وما قد سَلَفَ لا يُدرَكُ عِلمُ صِحَّتِه إلا بمجيئِه مَجيئاً يَمتَنِعُ مِنه التَّشاغُبُ والتَّواطؤُ، ويستحيلُ فيه الكذِبُ والخطأُ والسَّهوُ» (٢).

وقد نصَّ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) على قبولِ خبرِ الواحِدِ وحُجِّيَّتِه إذا اجتمعتْ فيه شروطُ الخبرِ المَقبولِ الثَّلاثةُ السابِقُ ذِكرُها، كما بيَّنَ بطلانَ رأيِ من لا يقبلُ مِنْ الأخبارِ إلا المتواتِرَ، ومِن عِبارَتِه في ذلك قولُه: «وقد زَعَمَ بعضُ من لا يُصدِّقُ بالآثارِ، ولا يقبلُ مِنْ الأخبارِ إلا ما استفاضَ به النَّقلُ مِنْ العَوامِّ .. ، وهذا قولٌ خلافُ ما تظاهرَتْ به الأخبارُ عن رسولِ الله ) (٣)، وقد أوجَزَ رأيَه ذلك في كتابِه (التبصيرُ في معالِمِ الدّين) بقولِه: «فإن كانَ الخبرُ الوارِدُ بذلك خبراً تقومُ به الحُجَّةُ مقامَ المُشاهدَةِ والسَّماعِ = وَجَبَت الدَّيْنونَةُ على سامِعِه بحَقيقَتِه في الشَّهادةِ عليه بأنَّ ذلك جاءَ به الخبرُ، نحوَ شهادتِه على حقيقةِ ما عايَنَ وسَمِعَ. وإنْ كانَ الخبرُ الوارِدُ خبراً لا يقطعُ مَجيئُه العُذرَ، ولا يُزيلُ الشَّكَّ غيرَ أنَّ ناقِلَه مِنْ أهلِ الصِّدقِ والعدالَةِ = وَجَبَ على سامِعِه تصديقُه في خَبَرِه في الشَّهادَةِ عليه بأنَّ ما أخبَرَه به كما أخبَرَه، كقَولِنا في أخبارِ الآحادِ العُدولِ» (٤).


(١) جامع البيان ٢/ ٤٣٩.
(٢) جامع البيان ١/ ٥٠٠.
(٣) جامع البيان ١٦/ ٣٠٠.
(٤) (ص: ١٤٠).

<<  <   >  >>