للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خامساً: إذا ثبتَ الحديثُ، وكانَ نَصّاً، وسَلِمَ مِنْ المُعارِضِ الرَّاجحِ = لا يُصارُ إلى غيره، وقد أكَّدَ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) ذلك في مواضِعَ كثيرةٍ مِنْ تفسيرِه، كما في قولِه عن حديثِ النَّبي : «وليسَ لأحدٍ مع قولِه الذي يصِحُّ عنه قَولٌ» (١)، وقولِه عندَ قولِه تعالى ﴿وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ﴾ [إبراهيم: ٢٦]: «وقَدْ رُويَ عن رسولِ الله بتصحيحِ قولِ مَنْ قالَ: هي الحَنْظلَةُ. خبرٌ، فإنْ صَحَّ فلا قَوْلَ يجوزُ أنْ يُقالَ غيرُه» (٢)، وقولِه أيضاً: «غيرَ أنَّه قد رُويَ عن النَّبي في نظيرِ معنى ذلك خبرانِ؛ لو ثَبَتا أو أحدُهُما كانَ القَولُ به في تأويلِ ذلك هو الصَّوابُ» (٣)، وقالَ بعدَ أن أَورَدَ بعضاً مِنْ أحاديثِ وجوبِ العُمرةِ: «هذه أخبارٌ لا يثبُتُ بمِثلِها في الدّينِ حُجَّةٌ؛ لِوَهْي أسانيدِها، وأنَّها مع وَهْي أسانيدِها لها مِنْ الأخبارِ أشكالٌ تُنبئُ عن أنَّ العُمرَةَ تطوّعٌ، لا فرضٌ واجِبٌ» (٤).

ويُلاحظُ في تلك النُّصوصِ اشتراطُ صِحَّةِ النَّقلِ، وصراحَةِ الدَّلالَةِ لوجوبِ الأخذِ بدليلِ السُّنَّةِ، وتحريمِ مُخالَفَتِه، ولابنِ جريرٍ (ت: ٣١٠) عباراتٌ أُخَرُ في وجوبِ الأخذِ بمُطلَقِ الحديثِ الوارِدِ في معنى الآيةِ، وهي محمولَةٌ على ما جمعَ هذين الوَصفَيْن، كما هو واضِحٌ مِنْ منهجِه في ذلك، ومِنه قولُه: «ولو لم يكُنْ على صِحَّةِ ما اختَرْنا في تأويلِ ذلك خبرٌ عن رسولِ الله لكانَ الواجِبُ مِنْ القَولِ فيه ما قُلْنا» (٥)، وقولُه:


(١) جامع البيان ٢١/ ٢٠.
(٢) جامع البيان ١٣/ ٦٥٤.
(٣) جامع البيان ٢/ ٥٠٧. وينظر: ٥/ ٥٩٣، ١١/ ٣١٢، ١٢/ ٦١٧، ١٣/ ٦٦٧، ١٤/ ١٢١، ١٥/ ٤٧.
(٤) جامع البيان ٣/ ٣٤٠. وينظر: ٦/ ٤٩٨.
(٥) جامع البيان ٢/ ٥٢٩.

<<  <   >  >>