للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِنْ إيرادِه له إثباتُ مُطلَقِ المعنى، وذلك لا يتأثَّرُ بعدمِ الجَزمِ بقائِلِه، فإنَّه إنْ لم يصحَّ عن النَّبي فعن الصَّحابي، أو التَّابعي، أو من نَقَلَه عنهم مِنْ السَّلفِ والأئِمَّةِ؛ ولذلك يُدرِجُه ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) ضمنَ أقوالِ السَّلفِ بلا تمييزٍ، كما في قولِه: «والذي هو أَوْلى بتأويلِ هذه الآيةِ عندي، أعْني: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ [الفاتحة: ٦] أن يكونَ معنيّاً به: وفِّقنا للثباتِ على ما ارتضَيْتَه ووَفَّقْتَ له من أنْعمتَ عليه مِنْ عِبادِك؛ مِنْ قولٍ وعملٍ، وذلك هو الصِّراطُ المُستقيمُ .. ، وقد اختلَفَ تراجِمَةُ القرآنِ في المَعنيِّ بالصِّراطِ المُستقيمِ، يشملُ معانيَ جميعِهم في ذلك ما أخبَرْنا مِنْ التَّأويلِ فيه. ومِمَّا قالَتْه في ذلك ما رُوِيَ عن عليِّ بن أبي طالبٍ ، عن النَّبي أنَّه قالَ، وذَكَرَ القرآنَ، فقالَ: «هو الصِّراطُ المُستقيمُ» (١) (٢)، وربما قدَّمها في الذكرِ عليه، كما في قولِه تعالى ﴿وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ﴾ [البقرة: ٤٨]، حيثُ ذكرَ خمسةً مِنْ أقوالِ السَّلفِ ثمَّ ختمَها بحديثٍ سُئِلَ فيه رسولُ الله عن العَدلِ، فقالَ: «العَدلُ الفِديةُ» (٣)، وفي قولِه تعالى ﴿يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ﴾ [آل عمران: ٤٣]، ذَكرَ في أواخِرِ أقوالِ أهلِ التَّأويلِ قولَ رسولِ الله : «كلُّ حرفٍ يُذكَرُ فيه


(١) سبقَ تخريجُه (ص: ٢٢١).
(٢) جامع البيان ١/ ١٧١. وينظر: ١١/ ٦٨٨، ٢٣/ ٤١٨.
(٣) جامع البيان ١/ ٦٣٧. والحديثُ أخرجَه ابنُ جرير عن عمرو بن قيسٍ المُلائيِّ، عن رجلٍ من أهلِ الشَّام. وعمرو من أتباعِ التّابعين، وشيخُه مجهولٌ؛ فالحديثُ ضعيف. ينظر: تهذيب التهذيب ٣/ ٢٩٩.
وقد اختار ابنُ كثيرٍ (ت: ٧٧٤) هذا المعنى للفِديةِ، واحتجَّ له بهذا الحديثِ، كما في تفسيرِه ١/ ٣٩٥.

<<  <   >  >>