للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القُنوتُ مِنْ القرآنِ فهو طاعةٌ لله» (١)، وكذلك فَعلَ في قولِه تعالى ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ﴾ [الأعراف: ١٧٩]، حيثُ أدرَجَ ضِمنَ أقوالِ السَّلفِ قولَه : «إنَّ اللهَ لَمّا ذَرأَ لجَهنَّمَ ما ذَرأَ، كانَ ولدُ الزِّنا ممَّن ذَرأَ لجَهنَّمَ» (٢). كما أنَّ ضمَّ هذا النَّوعِ مِنْ الأحاديثِ إلى أقوالِ السَّلفِ يرفعُها إلى مقامِ الاحتجاجِ في التَّفسيرِ، كما سيأتي بيانُه.

ومِن ثَمَّ نرى ابنَ جريرٍ (ت: ٣١٠) يستدلُّ بالحديثِ الضَّعيفِ مع نصِّه في ذاتِ الموضِعِ على ضعفِه، ولزومِ صِحَّةِ السَّندِ إلى الرسولِ عند الاحتجاجِ، كما في قولِه عندَ قولِه تعالى ﴿وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ﴾ [الأعراف: ٤٦]: «فإذْ كانَ ذلك كذلك .. ، كانَ بيِّناً أنَّ ما قالَه أبو مجلَزٍ مِنْ أنَّهم: ملائِكةٌ. قولٌ لا معنى له، هذا مع من قالَ بِخِلافِه مِنْ أصحابِ رسولِ الله ، ومع ما رُوِيَ عن رسولِ الله في ذلك مِنْ الأخبارِ، وإنْ كانَ في أسانيدِها ما فيها» (٣)، ثُمَّ أورَدَ الخبرَ في ذلك،


(١) جامع البيان ٥/ ٤٠٠. والحديثُ أخرجه أحمد في مسنده ١٨/ ٢٣٩ (١١٧١١)، وأبو يعلى في مسنده ٢/ ٥٢٢ (١٣٧٩)، والطبراني في الأوسط ٥/ ٢٣٤ (٥١٨١)، وأبو نُعَيم في الحِليَةِ ٨/ ٣٢٥، وقالَ ابنُ كثيرٍ (ت: ٧٧٤): «هذا الإسنادُ ضعيفٌ لا يُعتمَدُ عليه، ورفعُ هذا الحديثِ مُنكرٌ، وقد يكونُ من كلامِ الصَّحابيِّ أو من دونَه». تفسيرُه ٢/ ٣٨. وينظر منه: ٣/ ٦١.
(٢) جامع البيان ١٠/ ٥٩٢. والحديثُ أخرجه الطبريُّ هنا في تفسيرِه، وابنُ أبي حاتمٍ في تفسيرِه ٥/ ١٦٢٢ (٨٥٧٧)، من طريقِ معاويةَ بن إسحاقٍ الفَزاري، عن جليسٍ له بالطائِفِ، عن عبد الله بن عمرو به. وإسنادُه ضعيفٌ؛ لجهالةِ جليسِ معاويةَ بن إسحاق.
وينظر في أمثالِ تلك الأمثلةِ: ٥/ ٣٧٧، ٤٦٦، ١١/ ٥٨٥، ١٩/ ٤٧٠، ٢٠/ ٣٣، ٢٢/ ٢٣٧، ٢٧٢. بل رُبَّما ذكرَ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) هذا النَّوعَ من الأحاديثِ بعد الاستدلالِ بأخبارِ بني إسرائيل، كما في ٥/ ٥٨٦، ١٥/ ٣٩٠ - ٤٠١.
(٣) جامع البيان ١٠/ ٢٢١.

<<  <   >  >>